والحج وغيرها؟ قال العيني: استدل بالحديث بعضهم على أن الصبي يثاب على طاعته ويكتب له حسناته وهو قول أكثر أهل العلم، وروي ذلك عن عمر بن الخطاب فيما حكاه المحب الطبري وحكاه النووي في شرح مسلم عن مالك، والشافعي، وأحمد والجمهور - انتهى. وقال الخطابي: إنما كان للصبي الحج من ناحية الفضيلة من دون أن يكون محسوبًا عن فرضه لو بقي حتى يبلغ ويدرك مدرك الرجال، وهذا كالصلاة يؤمر بها إذا أطاقها وهي غير واجبة عليه وجوب فرض، ولكن يكتب له أجرها تفضلاً من الله، ويكتب لمن يأمره بها ويرشده إليها أجر. فإذا كان له حج فقد علم أن من سنته أن يوقف به في الموقف ويطاف به حول البيت محمولاًً إن لم يطق المشي، وكذلك السعي بين الصفا والمروة ونحوه من أعمال الحج - انتهى. وقال الطبري: قد قال كثير من أهل العلم إن الصبي يثاب على طاعته وتكتب له حسناته دون سيئاته، وروي ذلك عن عمر بن الخطاب وقد تقدم ما يدل عليه في باب تسمية الحج جهادًا، وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: جهاد الكبير والصغير والمرأة: الحج والعمرة. أخرجه النسائي. قال: ففيه دلالة على أن ثواب عبادة الصغير لنفسه، ثم إن كان الصبي يعقل عقل مثله أحرم بنفسه، وإن لم يعقل أحرم عنه. وفي التمهيد: قال أبو عمر: فإن قيل: فما معنى الحج بالصغير وهو عندكم غير مجزئ عنه من حجة الإسلام وليس ممن تجري الأقلام له وعليه؟ قيل: أما جري القلم له بالعمل الصالح فغير منكر أن تكتب للصبي درجة وحسنة في الآخرة بصلاته وزكاته وحجه وسائر أعمال البر التي يعملها على سنتها تفضلاً من الله عز وجل كما تفضل على الميت بأن يؤجر لصدقة الحي عنه ويلحقه ثواب ما لم يقصده ولم يعمله مثل الدعاء والصلاة عليه ونحو ذلك. ألا ترى أنهم أجمعوا على أن الصبي إذا عقل الصلاة يصلي، وقد صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأنس واليتيم معه وأكثر السلف على إيجاب الزكاة في أموال اليتامى ويستحيل أن لا يؤجروا على ذلك، وللذي يقوم بذلك عنهم أجر كما للذي يحجهم أجر فضلاً من الله عز وجل ونعمة، فلا شيء يحرم الصغير التعرض لفضل الله، وقد روي عن عمر بن الخطاب معنى ما ذكرنا، ولا مخالف له أعلمه ممن يجب إتباع قوله، ثم ذكر بسنده إلى عمر قال: تكتب للصغير حسناته ولا تكتب عليه سيئاته - انتهى. وقال ابن حزم في المحلى (ج٧: ص٢٧٦) : والله تعالى يتفضل بأن يأجرهم ولا يكتب عليهم إثمًا حتى يبلغوا، فإن قيل: لا نية للصبي، قلنا: نعم ولا تلزمه، إنما تلزم النية المخاطب المأمور المكلف والصبي ليس مخاطبًا ولا مكلفًا، وإنما أجره تفضل من الله تعالى مجرد عليه كما يتفضل على الميت بعد موته ولا نية له ولا عمل بأن يأجره بدعاء ابنه له بعد موته وبما يعمله غيره عنه من حج أو صيام أو صدقة ولا فرق، ويفعل الله ما يشاء - انتهى. وفي شرح اللباب: اتفقت الأئمة الأربعة على أن الصبي يثاب على طاعته وتكتب له حسناته سواء كان مميزًا أو غير مميز، لكن اختلف أصحابنا هل تكون حسناته له دون أبويه أو يكون الأجر لوالديه من غير أن ينقص من أجر الولد شيء؟ ففي قاضي خان: قال أبو بكر الإسكاف: حسناته تكون له دون أبويه، وإنما يكون للوالد من ذلك