للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

..............................................................................................

ــ

أجر التعليم والإرشاد إذا فعل ذلك. وفي الغاية: أن اعتكاف الصبي وصومه وحجه صحيح شرعي بلا خلاف وأجره له دون أبويه - انتهى. وقال بعضهم: تكون حسناته لأبويه أيضًا بناء على التسبب، والأحاديث تدل عليه فقد روي عن أنس أنه قال: من جملة ما ينتفع به المرء بعد موته إن ترك ولدًا تعلم القرآن والعلم فيكون لوالده أجر ذلك من غير أن ينقص من أجر الولد شيء - انتهى. الخامس: هل يجزئ الصبي عن حجة الإسلام، أي الحجة الفريضة؟ قال العيني: وفي أحكام ابن بزيزة: أما الصبي فاختلف القائلون بانعقاد حجه هل يجزيه عن حجة الفريضة؟ فقال داود وغيره يجزيه وقال مالك، والشافعي وغيرهما لا يجزيه، وقال ابن البر في التمهيد: اختلف العلماء أيضًا هل يجزئه عن حجة الإسلام فالذي عليه فقهاء الأمصار الذين قدمنا ذكرهم في هذا الباب أن ذلك لا يجزيه، وذكر أبو جعفر الطحاوي في معاني الآثار حديث الباب ثم قال: فذهب قوم إلى أن الصبي إذا حج قبل بلوغه أجزأه عن حجة الإسلام، واحتجوا بهذا الحديث وخالفهم آخرون فقالوا: لا يجزيه عن حجة الإسلام، وعليه بعد بلوغه حجة أخرى، وكان لهم من الحجة على أهل المقالة الأولى أن في هذا الحديث أن للصبي حجًا، وهذا مما قد أجمع الناس عليه، ولم يختلفوا في أن للصبي حجًا وليس ذلك عليه بفريضة ومن جهة القياس فكما له صلاة وليست بفريضة فكذلك قد يجوز أن يكون له حج وليس بفريضة، وإنما هذا الحديث حجة على من زعم أنه لا حج له، وأما من يقول إن له حجًا وأنه غير فريضة فلم يخالف شيئًا من هذا الحديث، وهذا ابن عباس هو الذي روى هذا الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم قد صرف حج الصبي إلى غير الفريضة ثم ذكر ابن عبد البر بسند الطحاوي قول ابن عباس بلفظ: أيما غلام حج به أهله فمات فقد قضى حجة الإسلام وإن أدرك فعليه الحج. قال أبو عمر: على هذا جماعة فقهاء الأمصار وأئمة الأثر. وقال الشوكاني: وشذ بعضهم فقال: إذا حج الصبي أجزاه ذلك عن حجة الإسلام لظاهر قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((نعم)) في جواب قوله: ((ألهذا حج؟)) وقال الطحاوي: لا حجة في قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((نعم)) على أنه يجزيه عن حجة الإسلام بل فيه حجة على من زعم أنه لا حج له. قال لأن ابن عباس راوى الحديث قال أيما غلام حج به أهله ثم بلغ فعليه حجة أخرى، ثم ساقه بإسناد صحيح وقد أخرج هذا الحديث مرفوعًا الحاكم (ج١: ص٤٨١) وقال: صحيح على شرطهما، والبيهقي (ج٥: ص١٥٦) ، وابن حزم (ج٧: ص٤٤) وصححه. وقال ابن خزيمة: الصحيح موقوف، وأخرجه كذلك، قال البيهقي: تفرد برفعه محمد بن المنهال. ورواه الثوري عن شعبة موقوفًا ولكنه قد تابع محمد بن المنهال على رفعه الحارث بن شريح، أخرجه كذلك الإسماعيلي والخطيب، ويؤيد صحة رفعه ما رواه ابن أبي شيبة عن ابن عباس: قال احفظوا عني ولا تقولوا. قال ابن عباس فذكره. وهو ظاهر في الرفع وقد أخرج ابن عدي من حديث جابر بلفظ ((لو حج صغير حجة لكان عليه حجة أخرى)) ومثل هذا حديث محمد بن كعب القرظي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: أيما صبي حج به أهله فمات أجزأت عنه، فإن

<<  <  ج: ص:  >  >>