للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

لأهل المدينة ذا الحليفة،

ــ

يحتاج إلى مقدمة أخرى. ثم قال الشافعي وأبو يوسف ومحمد وآخرون: متى عاد إلى الميقات قبل التلبس بنسك سقط عنه الدم. وقال أبو حنيفة: إنما يسقط عنه الدم إذا عاد إليه ملبيًا، فإن عاد غير ملب استمر لزوم الدم. وقال عبد الله بن المبارك وأحمد بن حنبل وزفر: لا يسقط الدم بعوده إليه مطلقًا. وقال مالك: إن عاد إليه قبل أن يبعد عنه وهو حلال سقط، وإن عاد بعد البعد والإحرام لم يسقط، وأعلم أنه حكى الأثرم عن الإمام أحمد أنه سئل في أي سنة وقت النبي - صلى الله عليه وسلم - المواقيت؟ فقال: عام حج – انتهى، كذا ذكره الحافظ وغيره من الشراح واكتفوا بذكره في مبدأ المواقيت. وروى البخاري في العلم من حديث ابن عمر ((أن رجلاً قام في المسجد فقال: يا رسول الله من أين تأمرنا أن نهل؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((يهل أهل المدينة من ذي الحليفة)) الحديث. ويشكل على ذلك أنهم تصدوا جميعًا للاعتذار عن مجاوزة أبي قتادة عام الحديبية عن المواقيت بغير إحرام وذكروا لذلك توجيهات مختلفة، وإذا كان التوقيت عام حجة الوداع لم يكن حاجة إلى الجواب والاعتذار عنه (لأهل المدينة) النبوية، أي سكانها ومن سلك طريق سفرهم ومر على ميقاتهم (ذا الحليفة) مفعول وقت، والحليفة بضم الحاء المهملة وفتح اللام تصغير الحلفة بفتحات نبت معروف، وذو الحليفة موضع معروف بقرب المدينة بينه وبينها ستة أميال قاله النووي وقبله الغزالي والقاضي عياض والشافعي كما في المعرفة، وكذا قال المجد في القاموس وياقوت الحموي في المعجم، وزادا كالقاضي أنه من مياه بني جشم بالجيم والشين المعجمة بين بني خفاجة من عقيل وقال ابن حزم: هو على أربعة أميال من المدينة، وقال السمهودي في وفاء الوفاء (ص ١١٩٤) : وقد اختبرت ذلك بالمساحة فكان من عتبة باب المسجد النبوي المعروف ببات السلام إلى عتبة باب مسجد الشجرة بذي الحليفة تسعة عشر ألف ذراع وسبعمائة ذراع واثنين وثلاثين ذراعًا ونصف ذراع بذراع اليد (وذراع اليد على ما ذكره المحب الطبري والنووي وغيرهما أربعة وعشرون إصبعًا، كل إصبع ست شعيرات مضمومة بعضها إلى بعض) وذلك خمسة أميال وثلثا ميل ينقص مائة ذراع - انتهى. وقيل: ذلك دون خمسة أميال، فإن الميل عند الحنفية أربعة آلاف ذراع بذراع الحديد المستعمل الآن. وقال الحافظ: ذو الحليفة مكان معروف بينه وبين مكة مائتا ميل غير ميلين، قاله ابن حزم (ج٧ ص٧٠) وقال غيره: بينهما عشر مراحل، قال: وبها مسجد يعرف بمسجد الشجرة خراب وبها بئر يقال لها بئر علي - انتهى. وعلي هذا ليس بعلي بن أبي طالب رضي الله عنه. وقال العيني: وبذي الحليفة عدة آبار ومسجدان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، المسجد الكبير الذي يحرم منه الناس، والمسجد الآخر مسجد المعرس - انتهى. وقال صاحب تيسير العلام: ذو الحليفة تسمى الآن آبار علي، وتبعد عن مكة بالمراحل (١٠) وبالفراسخ (٨٠) وبالأميال (٢٤٠) وبالكيلوات (٤٣٠) والمرحلة هي مسيرة يوم وليلة بسير الإبل المحملة بالأثقال سيرًا معتادًا

<<  <  ج: ص:  >  >>