للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

.....................................................................................

ــ

عن نافع أن ابن عمر كان إذا بعث بالهدي يمسك عما يمسك يمسك عنه المحرم إلا أنه لا يلبي. ومنهم قيس بن سعد بن عبادة. أخرج سعيد بن منصور من طريق سعيد بن المسيب عنه نحو ذلك. وروى ابن أبي شيبة من طريق محمد بن علي بن الحسين عن عمر وعلي أنهما قالا في الرجل يرسل ببدنته أنه يمسك عما يمسك المحرم. وهذا منقطع. وقال ابن المنذر: قال عمر وعلي وقيس بن سعد وابن عمر وابن عباس والنخعي وعطاء وابن سيرين وآخرون: من أرسل الهدي وأقام حرم عليه ما يحرم على المحرم. وقال ابن مسعود وعائشة وأنس وابن الزبير وآخرون: لا يصير بذلك محرمًا يعني لا يحرم عليه شيء مما يحرم على المحرم. وإلى ذلك صار فقهاء الأمصار (ومنهم الأئمة الأربعة) ومن حجة الأولين ما رواه أحمد والطحاوي وغيرهما من طريق عبد الرحمن بن عطاء عن عبد الملك بن جابر (بن عيتك) عن جابر بن عبد الله قال: كنت جالسًا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فقد قميصه من جيبه حتى أخرجه من رجليه وقال: إني أمرت ببدني التي بعثت بها أن تقلد اليوم وتشعر على مكان كذا فلبست قميصي ونسيت فلم أكن لأخرج قميصي من رأسي – الحديث. قال الحافظ: وهذا لا حجة فيه لضعف إسناده. قلت: عبد الرحمن بن عطاء ضعفه عبد الحق في أحكامه ووافقه ابن القطان وقال ابن عبد البر: لا يحتج بما انفرد به فكيف إذا خالفه من هو أثبت منه وقد تركه مالك وهو جاره والحديث أخرجه عبد الرزاق من طريق البزار في مسنده عن عبد الرحمن بن عطاء أنه سمع ابني جابر يحدثان عن أبيهما جابر بن عبد الله قال: بينا النبي - صلى الله عليه وسلم - جالس مع أصحابه إذ شق قميصه حتى خرج فسئل فقال: واعدتهم يقلدون هديي اليوم فنسيت – انتهى. وهذا أيضًا لا حجة فيه لما تقدم، وذكره ابن القطان من جهة البزار فقال: ولجابر ثلاثة أولاد: عبد الرحمن ومحمد وعقيل، والله أعلم من هما من الثلاثة – انتهى. وقد ظهر بما قدمنا أن المسألة كان فيها خلاف في السلف من الصحابة والتابعين لكن انقرض هذا الخلاف بعد ذلك واستقر الأمر على أن بمجرد تقليد الهدي وبعثه مع أحد لا يكون الرجل في حكم المحرم ولا يحرم عليه شيء مما يحرم على المحرم. قال الحافظ: جاء عن الزهري ما يدل على أن الأمر استقر على خلاف ما قال ابن عباس ففي نسخة أبي اليمان عن شعيب عنه، وأخرجه البيهقي (ج ٥: ص ٢٣٣) من طريقه قال: أول من كشف العمى عن الناس وبين لهم السنة في ذلك عائشة فذكر الحديث عن عروة وعمرة عنها. قال: فلما بلغ الناس قول عائشة أخذوا به وتركوا فتوى ابن عباس – انتهى. قلت: وها هنا مسألة أخرى خلافية بين الأئمة ربما تلتبس على بعض الناس بالمسألة الأولى المتقدمة وهي أن من قلد الهدي وتوجه معه أي ساقه معه وأراد النسك هل يكون بتقليد الهدي وسوقه معه محرمًا أم لا؟ فقال الحنفية يصير بالتقليد والتوجه معه ونية النسك محرمًا خلافًا لمالك والشافي. قال الحافظ: ذهب جماعة من فقهاء الفتوى إلى أن من أراد النسك صار بمجرد تقليده الهدي محرمًا حكاه ابن المنذر عن الثوري وأحمد وإسحاق. قال: وقال أصحاب الرأي: من ساق الهدي وأم البيت ثم قلد وجب عليه الإحرام.

<<  <  ج: ص:  >  >>