٢٦٥٦ – (٦) وعنها، قالت: فتلت قلائدها من عهن كان عندي، ثم بعث بها مع أبي.
ــ
وقال الجمهور: لا يصير بتقليد الهدي محرمًا ولا يجب عليه شيء – انتهى. وفي الهداية: من قلد بدنة تطوعًا أو نذرًا أو جزاء صيد وتوجه معها يريد الحج فقد أحرم لقوله - صلى الله عليه وسلم -: من قلد بدنة فقد أحرم. ولأن سوق الهدي في معنى التلبية في إظهار الإجابة لأنه لا يفعله إلا من يريد الحج أو العمرة، وإظهار الإجابة قد يكون بالفعل كما يكون بالقول فيصير به محرما لاتصال النية بفعل هو من خصائص الإحرام، فإن قلدها وبعث بها ولم يسقها لم يصر محرمًا لما روي عن عائشة قالت: كنت أفتل قلائد هدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فبعث بها وأقام في أهله حلالاً – انتهى. قال ابن الهمام: أفاد أنه لابد من ثلاثة: التقليد والتوجه معها، ونية النسك، وقوله لقوله - صلى الله عليه وسلم -: من قلد بدنة، إلخ. غريب مرفوعًا، ووقفه ابن أبي شيبه في مصنفه على ابن عباس وابن عمر – انتهى مختصرًا بقدر الضرورة. واستدل الزيلعي على الكنز بقول ابن عمر المذكور ثم قال: والأثر في مثله كالمرفوع وهو محمول على ما إذا ساقه لحديث عائشة المذكور أي جمع بين أثر ابن عمر وحديث عائشة. قلت: الراجح عندنا أنه لا يصير الرجل محرمًا بمجرد تقليد الهدي وسوقه معه حتى يلبي مع نية النسك، لأن إيجاب الإحرام يحتاج إلى دليل وقد دلت النصوص على أنه لا يجب الإحرام إلا إذا بلغ الميقات وأراد مجاوزته، وأما قبل الوصول إلى الميقات فلم يقم دليل على أنه يصير محرمًا أو يجب عليه الإحرام بمجرد تقليد الهدي أو سوقه. أما أثر ابن عمر وابن عباس فهو معارض لحديث عائشة المرفوع، وحمله على سوق الهدي والتوجه معه خلاف الظاهر، ولا دليل على أن التقليد والسوق يقوم مقام التلبية. تنبيه قال الحافظ: ما وقع في الأحاديث من استحباب التقليد والإشعار وغير ذلك يقتضي أن إظهار التقرب بالهدي أفضل من إخفاءه والمقرر أن إخفاء العمل الصالح غير الفرض أفضل من إظهاره فأما أن يقال إن أفعال الحج مبنية على الظهور كالإحرام والطواف والوقوف فكان الإشعار والتقليد كذلك فيخص الحج من عموم الإخفاء، وأما أن يقال: لا يلزم من التقليد والإشعار إظهار العمل الصالح، لأن الذي يهديها يمكنه أن يبعثها مع من يقلدها ويشعرها ولا يقول إنها لفلان فتحصل سنة التقليد مع كتمان العمل – انتهى. (متفق عليه) وأخرجه أيضًا أحمد ومالك وأبو داود والنسائي وابن ماجة والبيهقي وأخرج الترمذي معناه.
٢٦٥٦ – قوله (فتلت قلائدها) أي قلائد بدن النبي من (عهن) بكسر المهملة وسكون الهاء أي صوف مصبوغ بأي لون كان، وقيل هو الأحمر خاصة (كان عندي) صفة عهن (ثم بعث بها) أي بالبدن المقلدة (مع أبي) بفتح الهمزة، وكسر الموحدة الخفيفة تريد بذلك أباها أبا بكر الصديق، واستفيد من ذلك وقت البعث وأنه كان في سنة تسعة عام حج أبو بكر بالناس. قال ابن التين: أرادت عائشة بذلك علمها بجميع القصة، ويحتمل أن تريد أنه آخر فعل النبي - صلى الله عليه وسلم -