٢٦٥٧ – (٧) وعن أبي هريرة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلاً يسوق بدنة، فقال:" اركبها ". فقال: إنها بدنة. قال:" اركبها ". فقال: إنها بدنة. قال:" اركبها ويلك ".
ــ
لأنه حج في العام الذي يليه حجة الوداع لئلا يظن ظان أن ذلك كان في أول الإسلام ثم نسخ، فأرادت إزالة هذا اللبس وأكملت ذلك بقولها (كما في رواية) : فلم يحرم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيء أحله الله له حتى نحر الهدي أي وانقضى أمره ولم يحرم، وترك إحرامه بعد ذلك أحرى وأولى، لأنه إذا انتفى في وقت الشبهة فلأن ينتفي عند انتفاء الشبهة أولى، كذا في الفتح، وفي رواية لمسلم ((فأصبح فينا حلالاً يأتي ما يأتي الحلال من أهله)) والحديث يدل على ما دل عليه الحديث السابق. قال الحافظ: وفيه رد على من كره القلائد من الأوبار واختار أن تكون من نبات الأرض، وهو منقول عن ربيعة ومالك. وقال ابن التين: لعله أراد أنه الأولى مع القول بجواز كونها من الصوف والله أعلم. وفي حديث عائشة هذا والذي قبله دلالة على استحباب إرسال الهدي لمن لم يرد الحج وأنه يقلده ويشعره من بلده بخلاف من يخرج بهديه يريد الحج أو العمرة فإنه إنما يشعره ويقلده حين يحرم من الميقات كما تقدم (متفق عليه) وأخرجه أيضًا أبو داود والنسائي وابن ماجه والبيهقي (ج ٥: ص ٢٣٣)
٢٦٥٧ – قوله (رأى رجلاً) قال الحافظ: لم أقف على اسمه بعد طول البحث، وقال العيني: لم يدر اسمه (يسوق بدنة) بفتحات. قال الحافظ: كذا في معظم الأحاديث، ووقع لمسلم من طريق بكير بن الأخنس عن أنس رضي الله عنه ((مر على النبي - صلى الله عليه وسلم - ببدنة أو هدية)) ولأبي عوانة من هذا الوجه ((أو هدي)) وهو مما يوضح أنه ليس المراد بالبدنة مجرد مدلولها اللغوي. قال القسطلاني: البدنة تقع على الجمل والناقة والبقرة وهي بالإبل أشبه، وكثر استعمالها فيما كان هديًا، ولمسلم من طريق المغيرة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة ((بينا رجل يسوق بدنة مقلدة)) وكذا في طريق همام عن أبي هريرة، وللبخاري وأحمد (ج ٢: ص ٢٧٨) من طريق عكرمة عن أبي هريرة: فلقد رأيته راكبًا يساير النبي - صلى الله عليه وسلم - والنعل في عنقها (فقال: اركبها) زاد النسائي من طريق سعيد عن قتادة، والجوزقي من طريق حميد عن ثابت كلاهما عن أنس ((وقد جهده المشي)) ولأبي يعلى من طريق الحسن عن أنس ((حافيًا)) لكنها ضعيفة (فقال: إنها بدنة) قال الحافظ: تبين بما تقدم من الطرق أنه أطلق البدنة على الواحدة من الإبل المهداة إلى البيت الحرام ولو كان المراد مدلولها اللغوي لم يحصل الجواب بقوله ((إنها بدنة)) لأن كونها من الإبل معلوم، فالظاهر أن الرجل ظن أنه خفي على النبي - صلى الله عليه وسلم - كونها هديًا فلذلك قال: إنها بدنة، والحق أنه لم يخف ذلك على النبي - صلى الله عليه وسلم - لكونها كانت مقلدة، ولهذا قال له لما زاد في مراجعته ((ويلك)) (قال: اركبها ويلك) ووقع في رواية أحمد (ج ٢: ص ٢٥٤) وابن ماجى ((اركبها ويحك)) قال الهروي: ويل كلمة تقال لمن وقع في هلكة يستحقها، وويح لمن وقع في هلكة لا يستحقها، وكان الأصمعي يقول: