((ويل)) كلمة عذاب و ((ويح)) كلمة رحمة. وقال سيبويه:((ويح)) زجر لمن أشرف على هلكة. وفي الحديث ((ويل واد في جهنم)) وكل ذلك أصل معنى الكلمة، ولكن الظاهر المتبادر أنه - صلى الله عليه وسلم - قالها زاجرًا وتأديبًا لأجل مراجعته له مع عدم خفاء الحال عليه. قال القرطبي: قالها له تأديبًا لأجل مراجعته له مع عدم خفاء الحال عليه. وبهذا جزم ابن عبد البر وابن العربي وبالغ حتى قال: الويل لمن راجع في ذلك بعد هذا. قال: ولولا أنه - صلى الله عليه وسلم - اشترط على ربه ما اشترط لهلك ذلك الرجل لا محالة. قال القرطبي: ويحتمل أن يكون فهم عنه أنه يترك ركوبها على عادة الجاهلية في السائبة وغيرها فزجره عن ذلك، فعلى الحالتين هي إنشاء، ورجحه عياض وغيره، قالوا: والأمر ها هنا وإن قلنا أنه للإرشاد لكنه استحق الذم بتوقفه على امتثال الأمر، والذي يظهر أنه ما ترك الامتثال عنادًا، ويحتمل أن يكون ظن أنه يلزمه غرم بركوبها أو إثم، وأن الإذن الصادر له بركوبها إنما هو للشفقة عليه فتوقف، فلما أغلظ له بادر إلى الامتثال، وقيل لأنه كان أشرف على هلكة من الجهد، وويل كلمة تقال لمن وقع في هلكة فالمعنى: أشرفت على الهلكة فاركب، فعلى هذا فهي إخبار، وقيل: هي كلمة تدعم بها العرب كلامها ولا تقصد معناها تجري على لسانهم في المخاطبة من غير قصد لمدلولها كما قيل في قوله عليه الصلاة والسلام: تربت يداك، عقرى حلقى، أفلح وأبيه، وكما تقول العرب: لا أم له، لا أب له، قاتله الله، ما أشجعه، وأشباه ذلك، ويقويه ما وقع بدله ((ويحك)) عند أحمد فإذًا لا يكون إنشاء ولا إخبارًا (في الثانية) أي في المرة الثانية (أو الثالثة) أي أو قال ذلك في المرة الثالثة، وهذا شك من الراوي. قال القاري: في الثانية أو الثالثة أي في إحدى المرتين متعلق به قال، وفي رواية همام عن أبي هريرة عند مسلم ((قال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ويلك اركبها، فقال: بدنة يا رسول الله، قال: ويلك اركبها، ويلك اركبها)) قال الولي العراقي: فإن قلت: في هذه الرواية أنه عليه الصلاة والسلام بدأه بقوله: ويلك، ثم قاله له في المرة الثانية والثالثة، وفي الرواية الأولى أنه قال له ذلك في الثانية أو الثالثة فكيف الجمع بينهما؟ قلت: يحتمل أنه قال له ذلك في الأولى لأمر دنيوي وهو ما حصل له من الجهد والمشقة بالمشي فكان محتاجًا إلى الركوب، وقال له ذلك في الثانية أو الثالثة لأمر ديني وهو مراجعته للنبي - صلى الله عليه وسلم - وتأخر امتثاله أمره – انتهى. والحديث يدل على جواز ركوب الهدي سواء كان واجبًا أو متطوعًا به لكونه - صلى الله عليه وسلم - لم يفصل في قوله ولا استفصل صاحب الهدي عن ذلك وترك الاستفصال ينزل منزلة العموم في الأقوال فدل على أن الحكم لا يختلف بذلك، وأصرح من هذا ما أخرجه أحمد (ج ١: ص ١٢١) من حديث علي أنه سئل يركب الرجل هديه؟ فقال: لا بأس به قد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يمر بالرجال يمشون فيأمرهم يركبون هديه أي هدي النبي - صلى الله عليه وسلم -. قال: ولا تتبعون شيئًا أفضل من سنة نبيكم - صلى الله عليه وسلم -، قال الحافظ: إسناده صالح – انتهى. وقد اختلفوا في ركوب الهدي على أقوال يأتي بيانها في شرح حديث جابر، وفي الحديث تكرير العالم للفتوى والندب إلى المبادرة إلى امتثال الأمر وزجر من لم يبادر إلى ذلك وتوبيخه وجواز