للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولا يحمل فيها سلاح لقتال ولا تخبط فيها شجرة إلا لعلف ". رواه مسلم.

٢٧٥٨ – (٦) وعن عامر بن سعد، أن سعدًا ركب إلى قصره بالعقيق، فوجد عبدًا يقطع شجرًا أو يخبطه فسلبه، فلما رجع سعد جاءه أهل العبد فكلموه أن يرد على غلامهم أو عليهم ما أخذ من غلامهم. فقال: معاذ الله أن أرد شيئًا نفلنيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأبى أن يرد عليهم.

ــ

قال: هو أن لا يهراق بها دم وليس من المفعولية في شيء إذ لو كان متعلقًا لقوله ((إني حرمت)) لكان من حقه أن يقول أن يهراق بها دم، وقيل: إنه مفعول ((حرمت)) على زيادة ((لا)) مثل لئلا يعلم أهل الكتاب. أي لكي يعلم، أو على المفعول له أي لئلا يهراق، قال القاري: والمراد من نهي إراقة الدم النهي عن القتال المفضي إلى إراقة الدم، لأن إراقة الدم الحرام منوع عنه على الإطلاق، والمباح منه لم نجد فيه اختلافًا يعتد به عند العلماء إلا في حرم مكة، وقيل لا يسفك دم حرام لأن سفك الدم الحرام في مكة والمدينة أشد تحريمًا، وقوله (ولا يحمل فيها سلاح) بكسر السين (لقتال) يؤيد القول الثاني، لأن التأسيس أولى من التأكيد (ولا تخبط) بالتأنيث والتذكير (فيها شجرة) أي لا تضرب ليسقط أوراقها (إلا لعلف) قال النووي: هو بإسكان اللام وهو مصدر علفت علفًا، وأما العلف بفتح اللام فاسم للحشيش والتبن والشعير ونحوها، وفيه جواز أخذ أوراق الشجر للعلف وهو المراد هنا بخلاف خبط الأغصان وقطعها فإنه حرام (رواه مسلم) مطولاً، وكذا البيهقي (ج ٥: ص ٢٠١) .

٢٧٥٨- قوله (وعن عامر بن سعد) أي ابن أبي وقاص أحد العشرة المبشرة (أن سعدًا) هو أبوه (ركب إلى قصره بالعقيق) اسم موضع قريب من المدينة، وقال ابن حجر: قريب من ذي الحليفة فكأنه من طرفها (يقطع شجرًا) أي شجر حرم المدينة (أو يخبطه) بكسر الباء أي يخبط ورق شجر بضرب أو رمي جحر (فسلبه) أي أخذ ثيابه والسلب بفتحتين المسلوب (فلما رجع سعد (أي إلى المدينة (أو عليهم) شك من الراوي (معاذ الله) بفتح الميم مصدر لفعل مقدر أي أعوذ بالله معاذاً (نفّلنيه) بتشديد الفاء أي جعله لي نفلاً بالتحريك أو أعطانيه نفلاً أي غنيمة بإذنه لكل من رأى صائداً أو قاطع شجر أن يأخذ سلبه (وأبى أن يرد عليهم) قال النووي: هذا الحديث صريح في الدلالة لمذهب مالك والشافعي وأحمد والجماهير في تحريم صيد المدينة وشجرها كما سبق، وخالف فيه أبو حنفية كما قدمناه عنه، وقد ذكر مسلم في صحيحه تحريمها مرفوعًا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من رواية علي بن أبي طالب وسعد بن أبي وقاص وأنس بن مالك وجابر بن عبد الله وأبي سعيد وأبي هريرة وعبد الله بن عبيد ورافع بن خديج وسهل بن حنيف وذكره غيره من رواية غيرهم أيضًا فلا يلتفت إلى من خالف هذه الأحاديث الصحيحة المستفيضة. وفي هذا الحديث دلالة لقول الشافعي القديم

<<  <  ج: ص:  >  >>