٢٧٥٩ – (٢٢) وعن عائشة، قالت: لما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة،
ــ
أن من صاد في حرم المدينة أو قطع من شجرها أخذ سلبه، وبهذا قال سعد بن أبي وقاص وجماعة من الصحابة رضي الله عنهم. قال القاضي عياض: ولم يقل به أحد بعد الصحابة إلا الشافعي في قوله القديم وخالفه أئمة الأمصار. قلت (قائله النووي) : ولا تضر مخالفتهم إذا كانت السنة معه، وهذا القول القديم هو المختار لثبوت الحديث فيه وعمل الصحابة على وفقه، ولم يثبت له دافع، قال أصحابنا: فإذا قلنا بالقديم ففي كيفية الضمان وجهان أحدهما يضمن الصيد والشجر والكلأ كضمان حرم مكة، وأصحهما وبه قطع جمهور المفرعين على هذا القديم أنه يسلب الصائد وقاطع الشجر والكلأ، وعلى هذا في المراد بالسلب وجهان أحدهما أنه ثيابه فقط، وأصحهما وبه قطع الجمهور أنه كسلب القتيل من الكفار فيدخل فيه فرسه وسلاحه ونفقته وغير ذلك مما يدخل في سلب القتيل وفي مصرف السلب ثلاثة أوجه لأصحابنا أصحها أنه للسالب وهو الموافق لحديث سعد، والثاني أنه لمساكين المدينة، والثالث لبيت المال، وإذا سلب أخذ جميع ما عليه إلا ساتر العورة، وقيل يؤخذ ساتر العورة أيضًا، قال أصحابنا: ويسلب بمجرد الاصطياد سواء أتلف الصيد أم لا – انتهى. هذا وقد تقدم أن حديث تحريم المدينة وحديث السلب منسوخ أو مؤول عند الحنفية، وتقدم الجواب أيضًا عن ذلك (رواه مسلم) وأخرجه أيضًا أحمد (ج ١: ص ١٦٨، ١٧٠) والبيهقي (ج ٥: ص ١٩٩) وأخرج أبو داود والحاكم (ج ١: ص ٤٨٦) والبيهقي أيضًا (ج ٥: ص ١٩٩) نحوه.
٢٧٥٩- قوله (لما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة) في الهجرة يوم الاثنين لثنتي عشرة خلت من ربيع الأول في أحد الأقوال قاله الزرقاني، وفي رواية البخاري في آخر الحج ((قالت: وقدمنا المدينة وهي أوبأ أرض الله)) بالهمز بوزن أفعل من الوباء والوباء مقصور بهمز وبغير همز وهو المرض العام. وقد أطلق بعضهم على الطاعون أنه وباء لأنه من أفراده لكن ليس كل وباء طاعونًا. قال الحافظ: الوباء أعم من الطاعون، وحقيقته مرض عام ينشأ عن فساد الهواء، وقد يسمى طاعونًا بطريق المجاز. وفي رواية مسلم ((قدمنا المدينة وهي وبيئة)) بهمزة ممدودة يعنى ذات وباء. قال الحافظ: وما كان وباء المدينة إلا حمى كما هو مبين في حديث عائشة. قال: وزاد محمد بن إسحاق في روايته عن هشام بن عروة قال هشام: وكان وباؤها معروفًا في الجاهلية، وكان الإنسان إذا دخلها وأراد أن يسلم من وبائها قيل له: إنهق فينهق كما ينهق الحمار وفي ذلك يقول الشاعر: