والتعطيل؛ لذا كان على أصحاب هذا القول أن يجروا كلام الأشعري على ظاهره.
٨ - لقد بين الأشعري في مقدمة كتابه الإبانة أنه متبع للإمام أحمد، بل ونقل عنه مؤيداً له في مسألة عدم خلق القرآن، وكذلك نقله عن العشرات من أئمة السلف يقتضي أن الأشعري في الإبانة وافق كلامه كلام السلف في مسألة عدم خلق القرآن وبأنه كلام الله غير مخلوق وبأن الله لم يزل متكلماً.
الملاحظة الثانية: أورد أصحاب هذا القول بأن في الإبانة أدلة أخرى تدعم فيها ما ذهبوا إليه. من أن الأشعري مخالف للسلف في مسألة صفة الكلام، حيث أورد ما قاله الأشعري في كتابه الإبانة عندما قال: وقال الله عز وجل: {قُلْ لَوْ … كَانَ … الْبَحْرُ … مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ … قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ … رَبِّي}[الكهف: ١٠٩]. فلو كانت البحار مداداً لكتبه لنفدت البحار وتكسرت الأقلام - ولم يلحق الفناء كلمات ربي، كما لا يلحق الفناء علم الله عز وجل، ومن فني كلامه لحقته الآفات وجرى عليه السكوت، فلما لم يجز ذلك على ربنا عز وجل صح أنه لم يزل متكلماً؛ لأنه لو لم يكن متكلماً وجب السكوت والآفات - تعالى ربنا عن قول الجهمية علواً كبيراً. قال أصحاب هذا القول: فقد ربط - الأشعري - الكلام بالعلم في كونه صفة أزلية قائمة بذات الله أزلاً وأبداً، وكلمات الله لا نهاية لها كما دلت على