للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

٣- وقال أبو حيان في الارتشاف أيضاً، في باب الأفعال الداخلة على المبتدأ والخبر١: "جعل" بمعنى (صيّر) ، قال تعالى: {فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً} ٢، وقال تعالى: {وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ} ٣.

وفي البسيط: وهذه إما تصيير لما له نسبة إليه أو إلى ما يكون له ذاتاً أو كالذات.

فالأول لابدّ فيه من أحد حروف النسبة كقوله تعالى: {وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ} ٤.

والثاني تصيير في الفعل بالذات نحو: جعلت الطن خزفاً. وقد تدخل فيه "من" كقوله تعالى: {وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِير} ٥. أو بالصفة: جعلته عالماً. وإما في الاعتقاد: {وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثاً} ٦. وإما في النيابة عن الشيء: جعلت البصرة بغداد، والكتّان خزًّا. وإما في الشبه: جعلت حسنًا قبيحاً. وهي إذا كانت بهذه المعاني لم تؤثر إلا في المفعول الأول، لأنه وقع به ذلك، ولا يستغني عن الثاني، لأنه كالمبتدأ والخبر في الأصل، أو ما هو منزل منزلته. انتهى ملخصاً.

٤- وقال المرادي٧ في شرح بيت الألفية:

ويُبدَلُ الفعلُ مِن الفعل كمنْ ... يَصِلْ إلينا يستعنْ بنا يُعَنْ

يجوز إبدال الفعل من الفعل بدل كل. قال في البسيط: باتفاق. ومنه:

متى تأْتِنا تُلْمِمْ بنا في ديارن٨

وبدل الاشتمال نحو: {يَلْقَ أَثَاماً، يُضاعَفْ} ٩. و: مَنْ يَصلْ إلينا يستعن بنا يُعن. وحكى في البسيط فيه خلافاً.


١ ارتشاف الضرب ٣/ ٦٠.
٢ سورة الفرقان آية ٢٣.
٣ سورة الصافات آية ٧٧.
٤ سورة النحل آية ٦٢.
٥ سورة المائدة آية ٦٠.
٦ سورة الأحزاب آية ١٩.
٧ توضيح المقاصد والمسالك ٣/ ٢٦١- ٢٦٢.
٨ صدر بيت لعبيد الله بن الحُر وعجزه: تجد حطباً جزلاً وناراً تأجّجا.
والبيت من شواهد سيبويه ٣/٨٦، الأشموني مع الصبان ٣/١٣١. قال البغدادي في الخزانة ٩/٩٨: البيت من قصيدة تزيد على ثلاثين بيتا لعبيد الله بن الحر، قالها وهو في حبس مصعب بن الزبير في الكوفة.
٩ سورة الفرقان من الآيتين ٦٨- ٦٩.

<<  <   >  >>