للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

القول الرابع: إن أحاديث الوعيد كلها تمر كما جاءت ولا تفسر، وأنها على التأكيد والتشديد.

وممن روي عنه ذلك الزهري حيث سئل عن قول النبي صلى الله عليه وسلم “ليس منا من لطم الخدود” وما أشبهه، فأطرق ساعة، ثم رفع رأسه فقال: “من الله عز وجل العلم وعلى الرسول البلاغ وعلينا التسليم”. ١

وهو قول للإمام أحمد، وعزا شيخ الإسلام إلى عامة علماء السلف أنهم يقرون هذه الأحاديث ويمرونها كما جاءت، ويكرهون أن تتأول تأويلات تخرجها عن مقصود الرسول صلى الله عليه وسلم، وكذلك عزا ابن حجر إلى كثير من السلف إطلاق لفظ الأخبار في الوعيد، وعدم التعرض لتأويله ليكون أبلغ في الزجر. ٢

القول الخامس: قول من يرى أن أحاديث الوعيد عموماً خرجت مخرج التغليظ والمبالغة في الزجر عن المعاصي، وعزا هذا القول ابن حجر إلى الطيبي، وقد استنكر هذا القول أبو عبيد وقال عنه: أفظع ما تأول على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، أن جعلوا الخبر عن الله وعن دينه وعيداً لا حقيقة له، وهذا يؤول إلى إبطال العقاب، لأنه إن أمكن ذلك في واحد منها كان ممكناً في العقوبات كلها٣.

القول السادس: إن الحديث ليس خبراً، وإنما هو نهي فيكون معناه “لا يزني الزاني وهو مؤمن ... “، أي لا ينبغي للمؤمن أن يزني تنزيهاً للإيمان وتعظيماً له، وقال بهذا الضحاك وكذلك الخطابي، وقد رده العلماء: بأن الحديث صريح


١ السنة للخلال (٣/٥٧٩) ، مجموع الفتاوى (٧/٦٧٤) .
٢ انظر مسائل الإيمان للقاضي أبي يعلى ص٣١٧، مجموع الفتاوى (٧/٦٧٤) ، فتح الباري (١٣/٢٤) .
٣ الإيمان لأبي عبيد ص٨٨. الانتصار في الرد على القدرية (٣/٧٠١) ، فتح الباري (١٢/٦٠) .

<<  <   >  >>