المسلمينَ، والذي يمكننا أن نقول وبكل اطمئنان: إنَّ هذا الفنَّ لقي العناية الفائقة، وأنَّهُ استطاعَ أن يُثبت لنا صِحَّةَ النُّصوصِ، وصدقَ رواتها، ودقَّةَ أدائهم، من غير أن نخشى الخطأ والزلل الذي قد يتطرقُ إلى أذهان الرواةِ.
كما أنَّ بحثنا هذا على وجازته استطاعَ أن يُثبتَ لنا أنَّ علمَ الرِّواية وقواعدها المُحكمة عند المُحدِّثينَ، هو مِنَ العلوم التي تفيض ذكاء، وتتميَّزُ بالابتكارِ، والإبداعِ، والمهارة، وأنَّهُ من العلومِ المُنسَّقةِ التي تمتلئ بالحيويَّةِ، وأنَّ الكثيرَ مِنَ النَّاقدينَ للسُّنَّةِ والمشككينَ في صحتها، قد أسرفوا على أنْفُسِهم، وأنَّ الجماهير منهم لم يكن علم الرِّواية عندَ المُحدِّثينَ قد وضحَ في مَخيلتهِ، فانقضُّوا في النَّقدِ مترسمينَ آثاراً، ذات نزعةٍ مُغاليةٍ لا يمكن أن تسعفهم، في رحلتهم، أو أن تحقق لهم الطَّابع العلميَّ الذي يجب أن يتَّسمَ به الدَّارسونَ للمؤلَّفات القديمة، وتتطلبه الأمانة العِلميَّة، وأنَّ ما سطرتهُ أقلام كبار المنتقدين للسُّنَّةِ وتدوينها، لم يكن كلامهم سوى شططٍ، لجهلهم بقوانين الرِّوايةِ وأنماط التَّصنيف فيها.