للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في مقدمة القصيدة بأنه كان في البداية مترددًا في القيام بهذا العمل، إذ كان يشك في أن تكون تلك القصة التي مِحورها الجنون والهيام على الوجه في البرية صالحة للبلاط الملكي، والمقصود أن حاكم أذربيجان كلفه بنظمها فخشي ألا تسعفه القصة الأصلية في القيام بالمراد، ولا ينجح في مهمته، وإن كان المقال نفسه لا يشير إلى ذلك، بل ذكره مقال " lila and magnon " في "إنسيكلوبيديا إيرانيكا إذ جاء فيه: " أن نظامي كومبوز هز رومانس آز ريكوست أوف زا رولار أوف أذربيجان ".

كما يوضح الكاتب الأول ما قام به نظامي من جهد؛ كي يجعل من أخبار المجنون المتناثرة بناءً متماسكًا لقصة عاطفية فارسية، تختلف بعض الشيء عن القصة الأصلية، إذ تتحول البيئة البدوية إلى أخرى حضارية تلائم الشاعر وجمهوره، فمثلًا نرى الحبيبين يتعارفان في مكتب -أي: كتاب- كما أن نوفلًا المذكور يظهر في قصيدة نظامي وكأنه أمير فارسي لا وال عربي، فضلًا عن أنه لا يقتصر على التدخل السلمي لإتمام الخطبة المرفوضة من قبل والد الفتاة، بل يعلن الحرب على قبيلتها كلها معلنًا أنه لا بد من زواج الحبيبين، ورغم هزيمة القبيلة يصر والد ليلى على الرفض قائلًا: إنه يؤثر أن يقتلها على أن يزوجها للشاب الذي فضحها في العالمين.

وهنا يتبين للأمير أنه لا يمكن عمل أي شيء آخر، فيكف عن محاولاته وتنتهي القصة عند نظامي بأن تموت ليلى كَمَدًا على حرمانها من حبيب القلب، كذلك تتميز قصيدة نظامي بما تحويه من مناظر طبيعية توائم المواقف العاطفية المختلفة، ففي الربيع نرى ليلى في عز شبابها جالسةً تحت ظلال النخيل، على حين يتمهل الشاعر في وصف سواد الليل، عند حديثه عما حاق بالمجنون من يأس وهكذا.

كذلك فإن قصة نظامي ليست قصة فقط بل تضيف إلى الحكاية غاية تعليمية، ففيها كلام عن الزهد وتفاهة الدنيا والموت والحب والتصوف، وينهي الكاتب مقاله بالإشارة

<<  <   >  >>