للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عليه، وتفضل البقاء في السجن والبعد عن حبيبها، وفي الجزء الثاني يظل "فاوس" منغمسًا في تجارب الحياة المادية إلى أن يتعرف على "هيلين"، رمز الجمال الخالص فيهتدي عن طريقها إلى الخير والعفة والفضيلة، وهذه القصة نفسها تمثل المحور العام لمسرحية "شهرزاد" لتوفيق الحكيم، إذ هي أيضًا تعالج قضية الصراع بين العقل والقلب، مما يوضحه تأثر توفيق الحكيم بـ"جوته"، كما لاحظ الدارسون المقارنون الذين عكفوا على دراسة هذين العملين.

ونفس الأمر نجده عند اللور "بيرن" في مسرحية "مانفرد"، التي نُشرت عام ألف وثمانمائة وسبعة وثمانين، والتي تأثر فيها الشاعر الإنجليزي من بعض الوجوه بمسرحية نظيره الألماني، إذ يظهر الساحر "مانفرد" فريسة لليأس والندم بسبب حب آثم قضى على محبوبته، فيحاول استدعاء أرواح الأرض والسماء؛ لنجدته، إلا أنها تعجز عن أن تهبه نعمة النسيان، فيحاول الانتحار لكن يتم إنقاذه، ورغم ذلك يأبَى الخضوع للأرواح الشريرة، ثم يظهر شبح المحبوبة التي تأبى أن تغفر له ما صنعه معها، وتتنبأ بموته في الغد، وفي لحظة الموت تظهر أرواح الشر، فيرفض أن يخضع لها كما رفضت "مارجريت" في مسرحية "فاوس" أن تخرج من سجنها جزعًا من روح الشر، ويلعن "مانفرد" الشياطين؛ لأنه لا يصح المعاقبة على الجرائم بجرائم مثلها، فعذاب الضمير أبشع من عذاب الجحيم.

وهناك أيضًا مسرحية "أوديب الملك" التي كتبها الشاعر اليوناني "سوفوكليس" في القرن الخامس قبل الميلاد، وموضوعها سلطان القدر الساحق الذي قد يحول انتصارات المرء إلى هزائم، وهزائمه إلى انتصارات، والموضوع الذي تدور عليه مسرحية أوديب عبارة عن أسطورة يونانية شهيرة، وقد تأثر توفيق الحكيم بتلك المسرحية في مسرحية "الملك أوديب" التي نشرها سنة ألف وتسعمائة وتسع وأربعين ميلاديًّا.

<<  <   >  >>