للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أي لادّخاره، وسألت الخليل عن قوله جلّ ذكره: {وأنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَأنا رَبُّكُمْ فَاتَّقونِ} ١ فقال: إنما هو على حذف اللام، كأنه قال: ولأن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون، وقال ونظيرها: {لإيْلافِ قُرَيْشٍ} لأنه إنما هو لذلك فليعبدوا، فإن حذفت اللام من أن فهو نصب، كما أنك لو حذفت اللام من لإيلاف كان نصباً، هذا قول الخليل. ولو قال إنسان: إنَّ (أنَّ) في موضع جرٍّ في هذه الأشياء، ولكنه حرف كثر استعماله في كلامهم فجاز فيه حذف الجار كما حذفوا ربّ من قولهم:

وَبَلَدٍ تَحْسَبُهُ مَكْسوحا٢

لكان وجهاً قوياً وله نظائر نحو قوله: لاهِ أبوك، والأول قول الخليل"٣.

ووَهَّم أبو حيّان ابنَ مالك فيما حكاه عن الخليل٤.

وكثير من المتأخرين يرجحون نصب المصدر المنزوع الخافض، قال ابن هشام عن حذف حرف الجر: (وقد يحذف وينصب المجرور وهو ثلاثة أقسام: سماعي جائز في الكلام المنثور. وسماعي خاص بالشعر. وقياسي وذلك بعد أنَّ وأنْ وكي"٥، وقال الأشموني: "إنما اطرد حذف حرف الجر مع أنّ وأنْ


١ المؤمنون: ٥٢.
٢ بيت من مشطور الرجز ينسب لأبي النجم العجلي في شرح أبيات سيبويه: ٢/١٩٠، وأساس البلاغة: (طوح) ٣٩٧، وليس في ديوانه المجموع.
٣ الكتاب: ٣/١٢٦.
٤ ينظر ارتشاف الضرب: ٤/٢٠٩٠.
٥ أوضح المسالك: ٢/ ١٥٩.

<<  <   >  >>