للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


صلى الله عليه وسلم في العام التاسع للهجرة ولم يأمره الرسول صلى الله عليه وسلم بعدم صرف الزكاة في مصارفها من بني هاشم لكونها محرَّمة عليهم، ولو أنه أمر عاملا واحدا في سنة من سنوات حكم النبي صلى الله عليه وسلم بعدم صرف الزكاة في فقراء بني هاشم لنقل نقلا متواترا ولكان أمر المنع مذكورا في كل كتب الحديث التي جمعت سنة النبي صلى الله عليه وسلم، مثلما نقل جمع النبي صلى الله عليه وسلم مرة واحدة بين الصلاتين في يوم عرفة جمع تقديم وفي مزدلفة جمع تأخير ونقل هذا الجمع في كل كتب الحديث النبوي، ولأنه صلى الله عليه وسلم لم يأمر أيَّ مصدق في أيِّ عام بعدم صرف الزكاة على مصارفها من بني هاشم لم ينقل في أيِّ كتاب من كتب الحديث منع أيِّ عامل على الصدقة بعدم صرف الزكاة على بني هاشم لأن الأصل جواز صرفها عليهم كما هي جائزة على غيرهم ممن هم من مصارف الزكاة عملا بدخولهم تحت عموم القرآن الكريم وتحت عموم حديث (معاذ بن جبل) الذي أرسله الرسول صلى الله عليه وسلم إلى اليمن في العام التاسع الهجري أي بعد سبع سنوات من فرض الزكاة، ولو كان تحريم الزكاة شريعة محكمة بوحي من الله عز وجل لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم (معاذ بن جبل) رضي الله عنه بعدم صرف الزكاة على بني هاشم ولكن الله الذي شرع الزكاة في أموال الأغنياء لمواساة الفقراء رحمة بالفقراء ومواساة لهم ولتأسيس التراحم والتعاون والتكافل بين أفراد المجتمع الإسلامي كله لم يكن ليحرم مصارف الزكاة من بني هاشم من هذا الخير الذي شرعه رحمة للجميع، ولا يليق بعدل الله ورحمته أن يظلم أحدا من البشر قال تعالى {وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعَالَمِينَ} وقال تعالى {وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} لايليق بعدل الله ورحمته أن يؤسس بين المسلمين الطائفية والعنصرية والسلالية المسببة لعنت المسلمين بتفرقهم وتنازعهم وتباغضهم بسبب الفكر العنصري السلالي الطائفي الأسري المقيت والمشين، ولذا فالرواية التي تفيد تحريم الزكاة على بني هاشم هي رواية مكذوبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنها تنم عن هوى ورغبة في تميز بني هاشم وذريتهم بالعلو والشرف والرفعة والجاه والسلطان بسبب نسبهم الهاشمي، وهذا من أبطل الباطل ومن أرذل الرذائل التي كانت عليها الجاهلية من التعاظم والتفاخر بالأنساب وقد أبطلها الإسلام وجعل معيار التفاضل بين المسلمين تقوى الله عز وجل في قولة تعالى {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} ().
إخراج الرواية التي تحرم الزكاة على بني هاشم إخراج مسرحي مكذوب
الرواية التي تفيد تحريم الزكاة على بني هاشم هي عبارة عن مسرحية مكونة من ثلاثة مشاهد:
الأول: مشهد اجتماع مغلق بين العباس بن عبد المطلب وربيعة بن الحارث بن عبد المطلب رضي الله عنهما
المشهد الأول مشهد اجتماع مغلق بين العباس بن عبد المطلب وربيعة بن الحارث بن عبد المطلب رضي الله عنهما تدارسا فيه إرسال ابنيهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليستعملهما على جمع الصدقة ويعطيهما من الأجرة ما يعطي عماله الآخرين لأنهما قد بلغا سن النكاح، ويريدا الزواج وليس معهما ولا مع أسرتيهما مال لتكاليف النكاح ونفقة ما بعد الزواج، ودخل عليهما علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأعلمهما أن الرسول الكريم لن يستعمل ابنيهما على جمع الصدقات، والمشهد يوحي بأن علي يعلم أن رسول الله لن يستعملهما على الصدقة لأن نسب بني هاشم عاليا لا يليق به أن يُستعمل في جمع الصدقات أو لا يليق به أن يأخذ أجرة عمل من جمع الصدقات، واتهم ربيعة بن الحارث (عليا) بأنه يحسدهما على حصول أجرة عمالة الصدقة لولديهما وهما لم يحسداه على مصاهرة النبي صلى الله عليه وسلم، وتحول الاجتماع المغلق بين الثلاثة إلى لغط وشجار وخصام وتبادل اتهامات ومعاندة حيث أصر العباس وربيعة على إرسال ابنيهما، وأصر (علي) على البقاء في المكان مضطجعا لا جالسا من شدة الغضب من مخالفته ومعاندته، وكأن الثلاثة الأجلاء من صحابة النبي صلى الله عليه وسلم أطفال صغار متعاندين أو أنهم من ساقطي الأخلاق كعيال السوق أو من الجهلاء الأميين اللاهثين وراء الدنيا وحطامها، وهو مشهد انتهى بصورة مشوِّهة لهم ولا تليق بصحبتهم وفضلهم وجلالة قدرهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>