للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي -رحمه الله-في تعريفه للمناظرة اصطلاحاً: «وهي في الاصطلاح: المحاورة في الكلام بين شخصين مختلفين يقصد كل واحد منهما تصحيح قوله وإبطال قول الآخر مع رغبة كل منهما في ظهور الحق، فكأنها بالمعنى الاصطلاحي مشاركتهما في النظر الذي هو النظر المؤدي إلى علم أو غلبة ظن ليظهر الصواب» (١).

وقال طاش كُبري زاده (٢):

هي النظر من جانبي خصمين … معلل وسائل اثنين

في نسبة بينهما حكميه … ليظهر الصواب والخفية (٣)

وبالجمع بين هذه التعاريف جميعها يتلخص لنا أن المناظرة لا تسمى مناظرة حتى تجمع الأمور التالية:

أولاً: أن تكون المناظرة بين شخصين أو جانبين مختلفين، وتعبير الجرجاني -رحمه الله- بـ"الجانبين" أدق من تعبير غيره بـ"شخصين"؛ لأن المناظرة قد تكون بين شخصين وقد تكون بين أكثر من ذلك، فلا بد أن يكون فيها جانبان متناظران بغض النظر عن عدد كل جانب، والآمدي في تعريفه للمناظرة إنما نظر إلى أقل ما يتحقق به اسم المناظرة وهو وجود شخصين.

ثانياً: أن تكون بحضور الجانبين ومحاورتهما لبعضهما عن طريق الكلام، فيخرج بذلك ما قد يطلق عليه مناظرةً على سبيل التجوز كالردود الكتابية ونحوها.

ثالثاً: أن يكون الهدف منها إظهار الحق والصواب، وتعبير الجرجاني بقوله: «إظهاراً للصواب» أدق من تعبير الآمدي وغيره بقولهم: «مع رغبة كل منهما في


(١) آداب البحث والمناظرة (ص:١٣٩).
(٢) هو أبو الخير، أحمد بن مصطفى بن خليل: عصام الدين طاش كبري زاده: مؤرخ تركي الأصل، مستعرب، ومن مؤلفاته: الشقائق النعمانية، ومفتاح السعادة، (ت:٩٦٨ هـ). انظر: الأعلام للزركلي (١/ ٢٥٧)، معجم المؤلفين (٢/ ١٧٧).
(٣) منظومة طاش كبري زاده ضمن مجموع المتون الكبير (ص:٥٤٨).

<<  <   >  >>