للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأهل الباطل على سبيل التقرير والاستشهاد، كمناظرات الأنبياء مع أقوامهم، قال تعالى: {قَالُوا يَانُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا} [هود:٣٢]. وقال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ} [البقرة:٢٥٨] وغيرها من الأدلة.

ومنها الأدلة المثنية على من قام بمحاجة ومناظرة أهل الباطل كما قال سبحانه بعد حكاية مناظرة إبراهيم -عليه السلام- مع قومه: {وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ} [الأنعام:٨٣].

ومنها تقريره لقواعد فن المناظرة وأنواع الحجج والأدلة والأقيسة، قال ابن القيم -رحمه الله-: «وإذا تأملت القرآن وتدبرته وأعرته فكراً وافياً اطلعت فيه من أسرار المناظرات وتقرير الحجج الصحيحة وإبطال الشبه الفاسدة، وذكر النقض والفرق والمعارضة والمنع على ما يشفي ويكفي لمن بصره الله وأنعم عليه بفهم كتابه» (١). وقال -رحمه الله-: «والمقصود ان القرآن مملوء بالاحتجاج وفيه جميع أنواع الادلة والأقيسة الصحيحة» (٢)، وقال شيخ الإسلام -رحمه الله-: «وفيه من مناظرة المخالفين وإقامة البراهين على أصول الدين ما لم يذكر مثله في التوراة، مع أنه لم ينزل كتاب من السماء أهدى من القرآن والتوراة» (٣).

ومنها الأوامر العامة بالدعوة إلى سبيل الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد في سبيل الله والأمر بإحقاق الحق ورد الباطل، وغيرها من الأوامر التي تتضمن مناظرة أهل الباطل ومحاججتهم.

قال شيخ الإسلام -رحمه الله-: «وأما ما في القرآن من ذكر أقوال الكفار وحججهم وجوابها، فهذا كثير جداً، فإنه يجادلهم تارة في التوحيد، وتارة في النبوات، وتارة في المعاد، وتارة في الشرائع بأحسن الحجج وأكملها، كما قال تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا (٣٢)


(١) بدائع الفوائد (٤/ ١٣٠)
(٢) مفتاح دار السعادة (١/ ١٤٦)
(٣) الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح (٥/ ٧٢).

<<  <   >  >>