للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مع دهن البلسان إلى آخر الخيط النحاس، فيلقى الفتيلة فيتعلق بها.

فلو نصح أحد منهم نفسه، وفتش على نجاته لتتبع ذلك، وطلب الخيط النحاس، وفتش رأس القبة، ليرى الرجل والنفط، ويرى أن منبع ذلك النور من ذلك الممخرق الملبس.

وأنه لو نزل من السماء لظهر من فوق، ولم يكن ظهوره من الفتيلة!

ومن حيلهم أيضاً: أنه قد كان بأرض الروم في زمن المتوكل كنيسة، إذا كان يوم عيدها يحج الناس إليها، ويجتمعون عند صنم فيها، فيشاهدون ثدي ذلك الصنم في ذلك اليوم يخرج منه اللبن. وكان يجتمع للسادن في ذلك اليوم مال عظيم. فبحث الملك عنها، فانكشف له أمرها فوجد القيم قد ثقب من وراء الحائط ثقباً إلى ثدي الصنم، وجعل فيها أنبوبة من رصاص، وأصلحها بالجبس ليخفى أمرها، فإذا كان يوم العيد فتحها وصب فيها اللبن، فيجرى إلى الثدي فيقطر منه، فيعتقد الجهال أن هذا سر في الصنم، وأنه علامة من الله تعالى لقبول قربانهم، وتعظيمهم له، فلما انكشف له ذلك أمر بضرب عنق السادن، ومحو الصور من الكنائس، وقال: إن هذه الصور مقام الأصنام. فمن سجد للصورة فهو كمن سجد للأصنام» (١).

وما هذه الأمثلة إلا غيض من فيض وبها يتضح لك أن هذه الخدع الكاذبة والحيل الماكرة ليست مقتصرة على الرفاعية فحسب، بل هي طريقة قديمة استخدمها رهبان النصارى لترويج معتقداتهم الفاسدة، والمكر والخداع لاتباعهم، وأخذ الأموال ظلما وزورا، فبئس السلف لبئس الخلف.

* * *


(١) إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان (٢/ ٢٨٨ - ٢٨٩).

<<  <   >  >>