للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقال: أليس قد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إذا أعيتكم الأمور فعليكم بأصحاب القبور).

فقلت: هذا مكذوب باتفاق أهل العلم، لم يروه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أحد من علماء الحديث» (١).

وقال رحمه الله في موضع آخر: «وإن كان بعض الناس من المشايخ المتبوعين يحتج بما يرويه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (إذا أعيتكم الأمور فعليكم بأهل القبور أو فاستعينوا بأهل القبور)» (٢).

وقال في موضع آخر: «وإن كان بعض المشايخ المبتدعين يحتج بما يرويه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (إذا أعيتكم الأمور فعليكم بأهل القبور) أو قال: (فاستغيثوا بأهل القبور) فهذا الحديث كذب مفترى على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بإجماع العارفين بحديثه؛ لم يروه أحد من العلماء ولا يوجد في شيء من كتب الحديث المعتمدة (٣)» (٤).

[المطلب الثاني: دراسة أهم المسائل العقدية الواردة في هذه المناظرة]

[المسألة الأولى: مناقشة الشبهة الواردة في المناظرة، وذلك من وجهين]

[الوجه الأول: بيان أصل الشبهة]

لما كانت عقيدة القبورية في دعاء الأموات، والاستغاثة بالقبور ومن تحت


(١) الرد على البكري (٢/ ٥٧٨).
(٢) مجموع الفتاوى (١/ ٣٥٦).
(٣) هذا الحديث كذب موضوع ولا يوجد في شيء من كتب الحديث كما ذكر شيخ الإسلام رحمه الله، وقد ذكره العجلوني في "كشف الخفاء ومزيل الإلباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس" (١/ ٨٥) بلفظ: (إذا تحيرتم في الأمور، فاستعينوا بأصحاب القبور) وعزاه لكتاب الأربعين لابن كمال باشا المتوفي (٩٤٠ هـ) وهو رجل صوفي ماتريدي، وكتابه المذكور طبع ضمن "رسائل ابن كمال باشا"، باستانبول ١٣١٦ هـ، ص ٤١ - ٦٠. جمع فيه ثلاث أربعينات، وشرحها، وذكروا له كتاباً مستقلاً في شرح هذا الحديث بعنوان "تفسير حديث إذا تحيرتم في الأمور" وكثيراً ما يستدل الصوفية والقبورية بهذا الحديث المزعوم في مصنفاتهم فلا غرابة.
(٤) جامع الرسائل والمسائل (١/ ٢٣ - ٢٤).

<<  <   >  >>