للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي رواية: (هي الجماعة) (١)، وفي رواية: (يد الله على الجماعة) (٢)، فوصف الفرقة الناجية بأنهم المستمسكون بسنته وأنهم هم الجماعة. وقد كان العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم إذا تنازعوا في الأمر اتبعوا أمر الله تعالى في قوله: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [النساء:٥٩] وكانوا يتناظرون في المسألة مناظرة مشاورة ومناصحة وربما اختلف قولهم في المسألة العلمية والعملية مع بقاء الألفة والعصمة وأخوة الدين. نعم من خالف الكتاب المستبين والسنة المستفيضة أو ما أجمع عليه سلف الأمة خلافا لا يعذر فيه فهذا يعامل بما يعامل به أهل البدع» (٣).

فهذه الأنواع المذكورة من المناظرات هي التي جاء في النصوص والآثار ذمها والنهي عنها والتحذير منها لأن مفسدتها أكبر من مصلحتها، وضررها أكبر من نفعها، وجماع الأسباب التي ينهى عن المناظرة فيها هذه الأسباب الثلاثة المذكورة وقد نص على ذلك شيخ الإسلام -رحمه الله- فقال: «والمقصود أنهم نهوا عن المناظرة: من لا يقوم بواجبها، أو من لا يكون في مناظرته مصلحة راجحة، أو فيها مفسدة راجحة» (٤)، ثم قال -رحمه الله-: «وأما جنس المناظرة بالحق فقد تكون واجبة تارة ومستحبة تارة أخرى» (٥)، وهذه هي الطريق الوحيدة التي يمكن الجمع فيها بين الآيات والأحاديث والآثار التي قد يفهم منها التعارض، فقد جاء في


(١) رواها أبو داود (٤٥٩٧)، وابن ماجه (٣٩٩٣).
(٢) رواه الترمذي (٢١٦٦)، وابن حبان في صحيحه (٤٥٧٧) من حديث ابن عباس رضي الله عنه. وصححه الألباني في صحيح الجامع (٣٦٢١). وهو فيما يظهر حديث منفرد وليس رواية من روايات حديث الافتراق، كما يوهم كلام شيخ الإسلام رحمه الله.
(٣) درء تعارض العقل والنقل (٧/ ١٧١ - ١٧٢)
(٤) درء تعارض العقل والنقل (٧/ ١٧٤).
(٥) المصدر السابق (٧/ ١٧٤)، انظر: مجموع الفتاوى (٢٦/ ١٠٧).

<<  <   >  >>