للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لا يُسمع بالضرورة، ومن قال: إنه يُسمع فهو مكابر" (١).

٣) ومن الأدلة التي تدل على هذا أيضًا قوله تعالى: «{وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ} [النحل:١٠٣]، كان بعض المشركين يقولون: إن محمداً إنما يتعلم القرآن من عبد لبني الحضرمي، فقال الله - تعالى -: لسان الذي يضيفون إليه القرآن لسان أعجمي، وهذا لسان عربي مبين، وهذا يبين أن محمداً بلغ القرآن لفظه ومعناه، لم ينزل عليه معاني مجردة، إذ لو كان كذلك لأمكن أن يقال: تلقى من هذا الأعجمي معاني صاغها بلسانه، فلما ذكر قوله: {لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ} [النحل:١٠٣]، بعد قوله: {قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ} [النحل:١٠٢]، دل ذلك على أن روح القدس نزل بهذا اللسان العربي المبين» (٢).

٤) أن قولهم مخالف للغة والعرف واصطلاح الناس؛ فإنهم لا يجعلون الكلام حروفاً مجردة فقط ولا معاني مجردة فقط، بل الكلام مجموع الأمرين؛ وذلك كما أن الإنسان المتكلم الناطق ليس هو مجرد الروح، ولا مجرد الجسد بل مجموعهما (٣).

٥) أن قولهم مخالف لإجماع السلف؛ فإن "الذي عليه سلف الأمة كالإمام أحمد، والبخاري صاحب الصحيح في كتاب خلق أفعال العباد (٤)، وغيره، وسائر الأمة قبلهم، وبعدهم اتباع النصوص الثابتة، وإجماع سلف الأمة، وهو أن القرآن جميعه كلام الله حروفه، ومعانيه ليس شيء من ذلك كلاماً لغيره، ولكن أنزله على رسوله، وليس القرآن اسماً لمجرد المعاني، ولا لمجرد الحروف


(١) المصدر السابق (١٢/ ١٣٠).
(٢) مجموع الفتاوى (٦/ ٥٣٦).
(٣) انظر: مجموع الفتاوى (١٢/ ١٤٤).
(٤) انظر: خلق أفعال العباد (ص: ٤٥).

<<  <   >  >>