للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اللفظ، أو باطلة اللفظ والمعنى، كما فصل ذلك شيخ الإسلام أثناء مناظرته، والذي يهمنا هنا بيان فساد الشبهة التي حملتهم على إطلاق هذه المقالة، وهي اعتقاد أن ظواهر النصوص تفيد التشبيه، ويمكن إجمال أهم الأوجه التي تدل على بطلانها بما يأتي:

أولاً: أن ظاهر الكلام: هو ما يتبادر إلى العقل السليم من المعاني، لمن يفهم بتلك اللغة. ولا يمكن بحال أن يتبادر إلى ذهن المؤمن سليم العقل والفطرة، أن ظاهر ما وصف الله به نفسه كصفات المخلوقين المحدثة، فكيف يقال بعد ذلك إن هذا هو ظاهر النصوص (١).

ثانياً: أن القول بأن ظواهر النصوص يقتضي التشبيه، يلزم منه أن ظواهر نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية، ظواهر كفرية، إذ هي تقتضي تمثيل الله بعباده، وتشبيهه بخلقه، وهذا من أشنع الأقوال وأقبحها في حق كلام الله رب العالمين، وحديث سيد المرسلين -صلى الله عليه وسلم- (٢).

ثالثاً: أن القول في الصفات كالقول في بعضها البعض، فكما يقر المخالف بأن الله يوصف بالعلم والحياة والقدرة، ولا يقول: إن ظاهرها غير مراد، وإن ظاهرها التشبيه والتجسيم، فكذلك جميع صفات الباري -جل وعلا- يقال فيها الكلام ذاته، أما أن نجعل ظاهر بعض الصفات غير مراد، وظاهر بعضها مراد، فهذا تناقض لا دليل عليه (٣).

رابعاً: أن هذه المقالة لم يقل بها أحد من سلف هذه الأمة وأئمتها، ولم يكونوا يسمون هذا المعنى ظاهرا (٤).

خامساً: أن في مثل هذا التقرير فتح الباب أمام الجهمية والباطنية والفلاسفة وأضرابهم


(١) انظر: الرسالة المدنية ضمن مجموع الفتاوى (٦/ ٣٥٦).
(٢) انظر: التدمرية (ص:٦٩).
(٣) انظر: الرسالة المدنية ضمن مجموع الفتاوى (٦/ ٣٥٦).
(٤) انظر: التدمرية (ص:٦٩).

<<  <   >  >>