للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا ممكناً، وأنه: إما قديم وإما محدث، وإما قائم بنفسه أو بغيره، أو لا قائم بنفسه ولا بغيره، وأمثال ذلك من التقديرات، ثم لم يكن هذا دليلاً على إمكان كل هذه الأقسام في الخارج" (١).

٤) مجرد الإمكان الذهني -وهو عدم العلم بالامتناع - لا يدل على الإمكان الخارجي ولا العلم به، وإنما غايته أن يقول: إني لا أعرف إمكانه ولا امتناعه.

والمدعي يقول: أنا أعلم امتناعه بالضرورة، وقد ذكرنا أنهم طوائف متفرقون اتفقوا على ذلك من غير مواطأة، وذلك يقتضي أنهم صادقون فيما يخبرون به عن فطرهم. ومعلوم أن العلوم الضرورية لا يقدح فيها نفي النافي لها، فكيف يقدح فيها شك الشاك فيه (٢).

٥) أن ظن ثبوت مثل هذه الكليات في الخارج إنما هو في الحقيقة من باب الوهم والخيال، كما قد سبق بيانه.

٦) أن المتكلمين أنفسهم يرد بعضهم على بعض في هذا الموضع، ويقدح بعضهم في مقدمة الآخر، ولا شك أن المقدمات المتنازع فيها لا ترتقي لمعارضة الضروريات فضلاً أن تكون منها (٣).

٧) أن القضايا العقلية الكلية يختلف تصورها عن تصور المعينات الداخلة فيها، فلا يكفي تصور القضية الكلية الذهنية في تصور المعين الداخل فيها الموجود في خارج الذهن، فتصورنا للقضية الكلية وهي أن كل موجود: فإما أن يكون قديماً أو حادثاً، يختلف عن حكمنا على معين بأنه قديم أو محدث، فإنه لا بد حينئذ أن نعينه بما يخصه عن غيره من الأمور التي تشاركه وتدخل معه في القضية الكلية، فتصور المعين شيء، وتصور القضية الكلية شيء آخر، فمن أثبت موجودين أحدهما غير مباين للآخر ولا سارياً فيه؛ فإنه إنما أثبت قضية كلية مطلقة


(١) المصدر السابق (٦/ ٢٨٣).
(٢) درء تعارض العقل والنقل (٦/ ٢٨٤).
(٣) انظر: المصدر السابق (٦/ ٣٧، ١٩١).

<<  <   >  >>