للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يوم الجمعة في جوامعهم، وفي هذا اليوم حضروا إلى الجامع بأجمعهم، ولعل من لا له عادة بالصلاة حضر لأجل الصلاة عليه، وصلى عليه قاضي القضاة الشيخ علاء الدين القونوي الشافعي (١) عقيب صلاة الظهر بالجامع، ثم حضروا الأمراء والحجاب والنقباء بالعصي والدبابيس حول نعشه، وحملوه الترك من الأمراء والمقدمين على رؤوسهم تبركا به (٢)، والأجناد يضربون الناس، ولولا ذلك لما قدروا يصلوا به إلى قبره من كثرة الزحام والتبرك به. وكانت سويقة باب البريد قد أخربوها، فشق على الناس ذلك، وحملوه وخرجوا به من باب الفرج، وبعض الناس من باب الفراديس وباب النصر وباب الجابية (٣) من كثرة الناس. وامتد العالم إلى سوق الخيل (٤) وامتلأ، فصلى عليه أخوه زين الدين عبد الرحمن (٥)، ثم حمل من سوق الخيل فمر به تحت القلعة المحروسة.


(١) هو علي بن إسماعيل بن يوسف القونوي علاء الدين الشافعي، له معرفة بالفقه والأصول، وكان معظماً وذاباً عن شيخ الإسلام ابن تيمية (ت:٧٢٩ هـ). انظر: الدرر الكامنة (٤/ ٢٩)، البدر الطالع (١/ ٤١٩).
(٢) من المعلوم المتقرر أن التبرك لا يجوز شرعاً إلا بما ثبت فيه البركة من قبل الشارع، وعلى الهيئة التي جاءت في الشرع، على جهة السببية، وما فعله هؤلاء إنما هو من الأمور المبتدعة التي كانت منتشرة في عصره رحمه الله والتي بذل رحمه الله في إنكارها والتحذير منها الشيء الكثير، وهذا شأن كثير ممن غلا فيهم الناس وعظموهم وصرفوا لهم أنواع العبادات، وصنعوا عند قبورهم وأضرحتهم مختلف البدع والمحدثات، وهم كانوا أشد الناس أمرا بالتوحيد ونهيا عن الشرك والبدع والخرافات، وأمثلة ذلك كثيرة من الصحابة والأنبياء والأئمة والعلماء.
(٣) أسماء تاريخية لأبواب مدينة دمشق القديمة. انظر معجم دمشق التاريخي (١/ ١٩، ٢٠، ٢٦، ٢٧، ٢٩).
(٤) سوق الخيل: تسمية كانت تطلق على ساحة سوق الخيل التي تقع تحت القلعة وتخصصت بتجارة الخيول. انظر: معجم دمشق التاريخي (٢/ ٩).
(٥) هو عبد الرحمن بن عبد الحليم ابن تيمية الحراني أخو شيخ الإسلام، حبس مع أخيه في الإسكندرية، وكان مؤثرا لأخيه على نفسه، يتفقده ويخدمه، ويذب عنه، وكان حسن السيرة ذا فضيلة معروفة (ت:٧٤٧ هـ). انظر: معجم الشيوخ (١/ ٣٦١)، الدرر الكامنة (٣/ ١١٨).

<<  <   >  >>