كَانَ لَهُ حُكْمُ مَا لِلزِّينَةِ وَهُوَ مُتَّجَهٌ (حَرُمَ) هُوَ يَعْنِي اسْتِعْمَالَهُ لِلزِّينَةِ مَعَ الْكِبَرِ أَيْ الْمُحَقَّقِ فَمَا شَكَّ فِي كِبَرِهِ الْأَصْلُ إبَاحَتُهُ (أَوْ صَغِيرَةً بِقَدْرِ الْحَاجَةِ) وَهِيَ هُنَا غَرَضُ الْإِصْلَاحِ لَا الْعَجْزُ عَنْ غَيْرِهَا؛ لِأَنَّهُ يُبِيحُ أَصْلَ الْإِنَاءِ (فَلَا) يَحْرُمُ بَلْ وَلَا يُكْرَهُ لِلْحَاجَةِ مَعَ الصِّغَرِ (أَوْ صَغِيرَةً لِزِينَةٍ أَوْ كَبِيرَةً لِحَاجَةٍ جَازَ) مَعَ الْكَرَاهَةِ فِيهِمَا (فِي الْأَصَحِّ) لِوُجُودِ الصِّغَرِ الْوَاقِعِ فِي مَحَلِّ الْمُسَامَحَةِ وَلِلْحَاجَةِ وَضَبَّةً نُصِبَتْ بِ ضَبَّبَ كَنَصْبِ الْمَصْدَرِ بِفِعْلِهِ تَوَسُّعًا؛ لِأَنَّهَا اسْمُ عَيْنٍ وَعَلَيْهِ فَبَاءُ بِذَهَبٍ بِمَعْنَى مِنْ وَهُوَ حَالٌ مِنْ ضَبَّةٍ النَّكِرَةِ سَوَّغَهُ تَقَدُّمُهُ عَلَيْهَا أَوْ بِنَزْعِ الْخَافِضِ وَهُوَ مَعَ شُذُوذِهِ مُوهِمٌ نَعَمْ الْوَجْهُ أَنَّ الضَّبَّةَ الْمُمَوَّهَةَ بِنَقْدٍ يَتَحَصَّلُ كَالْمُتَمَحِّضَةِ مِنْهُ.
(وَضَبَّةً مَوْضِعُ الِاسْتِعْمَالِ)
ــ
[حاشية الشرواني]
قَوْلُهُ كَانَ لَهُ حُكْمُ مَا لِلزِّينَةِ إلَخْ) الْأَوْلَى جَعْلُ الضَّمِيرِ لِلزَّائِدِ ع ش أَيْ فَإِنْ تَمَيَّزَ الزَّائِدُ حَرُمَ الزَّائِدُ فَقَطْ إنْ عَدَّهُ الْعُرْفُ كَبِيرًا، وَإِلَّا فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ بُجَيْرِمِيٌّ عِبَارَةُ الْبَصْرِيِّ أَيْ فَيَفْصِلُ فِيهِ بَيْنَ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ هَذَا وَلَوْ حُمِلَ قَوْلُهُ لَوْ كَانَ بَعْضُهَا لِزِينَةٍ وَبَعْضُهَا لِحَاجَةٍ حَرُمَ عَلَى مَا إذَا كَانَ بَعْضُ الزِّينَةِ كَبِيرًا يَقِينًا سَوَاءٌ الْإِبْهَامُ وَالتَّعْيِينُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ صَغِيرًا أَوْ مَشْكُوكًا فِيهِ سَوَاءٌ الْإِبْهَامُ وَالتَّعْيِينُ فِيهِمَا أَيْضًا لَكَانَ أَوْجَهَ اهـ.
(قَوْلُهُ يَعْنِي اسْتِعْمَالَهُ) أَيْ وَاتِّخَاذَهُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي، وَسَكَتَ عَنْ نَفْسِ الْفِعْلِ الَّذِي هُوَ التَّضْبِيبُ فَهَلْ يَحْرُمُ مُطْلَقًا كَالتَّمْوِيهِ أَوْ يُفَرَّقُ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ تَعْلِيلِ حُرْمَةِ التَّمْوِيهِ مُطْلَقًا بِأَنَّهُ إضَاعَةُ مَالٍ، وَلَعَلَّ الثَّانِيَ أَقْرَبُ سم عَلَى حَجّ اهـ ع ش وَبُجَيْرِمِيٌّ وَشَيْخُنَا (قَوْلُهُ لِلزِّينَةِ مَعَ الْكِبَرِ) عِلَّةٌ لِلْحُرْمَةِ (قَوْلُهُ أَيْ الْمُحَقَّقِ) إلَى فَبَاءُ بِذَهَبٍ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ الْأَصْلُ إبَاحَتُهُ) الْمُرَادُ بِالْإِبَاحَةِ مَا قَابَلَ الْحُرْمَةَ، ثُمَّ إنْ كَانَتْ لِزِينَةٍ كُرِهَتْ أَوْ لِحَاجَةٍ فَلَا فِيمَا يَظْهَرُ فَتَأَمَّلْ، وَبَقِيَ مَا لَوْ شَكَّ هَلْ الضَّبَّةُ لِلزِّينَةِ أَوْ لِلْحَاجَةِ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْحِلُّ مَعَ الْكَرَاهَةِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ الْأَصْلُ إبَاحَتُهُ ع ش قَوْلُ الْمَتْنِ (أَوْ صَغِيرَةً) أَيْ فِي الْعُرْفِ (قَوْلُهُ عَنْ غَيْرِهَا) أَيْ غَيْرِ ضَبَّةِ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ عِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَالنِّهَايَةِ عَنْ غَيْرِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ اهـ وَعِبَارَةُ الْمُغْنِي عَنْ التَّضْبِيبِ بِغَيْرِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ اهـ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يُبِيحُ أَصْلَ الْإِنَاءِ) أَيْ اسْتِعْمَالَ الْإِنَاءِ الَّذِي كُلُّهُ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ فَضْلًا عَنْ الْمُضَبَّبِ بِهِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي قَالَ السَّيِّدُ عُمَرُ الْبَصْرِيُّ قَوْلُهُمْ إنَّ الْعَجْزَ عَنْ غَيْرِ آنِيَةِ النَّقْدَيْنِ يُبِيحُهَا هَلْ هُوَ عَلَى إطْلَاقِهِ أَوْ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا اُضْطُرَّ إلَيْهِ بِحَيْثُ لَا يَتَأَتَّى الْوُصُولُ إلَى الْمُسْتَعْمَلِ إلَّا بِاسْتِعْمَالِهَا مَحَلُّ تَأَمُّلٍ اهـ أَقُولُ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ الْأَوَّلُ قَوْلُ الْمَتْنِ (لِزِينَةٍ) أَيْ كُلِّهَا أَوْ بَعْضِهَا مُغْنِي وَنِهَايَةٌ وَقَوْلُهُ لِحَاجَةٍ أَيْ كُلِّهَا مُغْنِي قَالَ شَيْخُنَا وَحَاصِلُ مَسْأَلَةِ الضَّبَّةِ أَنَّهَا إنْ كَانَتْ كَبِيرَةً كُلَّهَا لِزِينَةٍ أَوْ بَعْضُهَا لِزِينَةٍ وَبَعْضُهَا لِحَاجَةٍ حَرُمَتْ فِي الصُّورَتَيْنِ وَإِنْ كَانَتْ كَبِيرَةً كُلَّهَا لِحَاجَةٍ أَوْ صَغِيرَةً كُلَّهَا لِزِينَةٍ أَوْ بَعْضُهَا لِزِينَةٍ وَبَعْضُهَا لِحَاجَةٍ كُرِهَتْ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ، وَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً كُلَّهَا لِحَاجَةٍ أُبِيحَتْ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَلَوْ شَكَّ فِي الصِّغَرِ وَالْكِبَرِ كُرِهَتْ فَمَجْمُوعُ الصُّوَرِ سَبْعَةٌ بِصُوَرِ الشَّكِّ اهـ.
وَفِي الْبُجَيْرَمِيِّ مِثْلُهُ وَقَوْلُهُ وَلَوْ شَكَّ إلَخْ أَيْ فِيمَا إذَا كَانَتْ لِزِينَةٍ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ لِحَاجَةٍ فَقَطْ فَتُبَاحُ كَمَا مَرَّ عَنْ ع ش.
(قَوْلُهُ وَضَبَّةٌ نُصِبَتْ) مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ وَقَوْلُهُ كَنَصْبِ الْمَصْدَرِ يُحْتَمَلُ أَنَّهَا أَيْ ضَبَّةٌ نَابَتْ عَنْهُ أَيْ الْمَصْدَرِ كَضَرْبَتِهِ سَوْطًا فَالتَّقْدِيرُ تَضْبِيبُ ضَبَّةٍ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ ذَلِكَ مُرَادُهُمْ سم أَقُولُ كَلَامُ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ كَالصَّرِيحِ فِي الثَّانِي عِبَارَتُهُمَا قَالَ الشَّارِحُ تَوَسَّعَ الْمُصَنِّفُ فِي نَصْبِ الضَّبَّةِ بِفِعْلِهَا نَصْبَ الْمَصْدَرِ أَيْ؛ لِأَنَّ انْتِصَابَ الضَّبَّةِ عَلَى الْمَفْعُولِ الْمُطْلَقِ فِيهِ تَوَسُّعٌ عَلَى خِلَافِ الْأَكْثَرِ فَإِنَّ أَكْثَرَ مَا يَكُونُ الْمَفْعُولُ الْمُطْلَقُ مَصْدَرًا وَهُوَ اسْمُ الْحَدَثِ الْجَارِي عَلَى الْفِعْلِ نَحْوُ {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: ١٦٤] قَدْ يَنُوبُ عَنْ الْمَصْدَرِ فِي الِانْتِصَابِ عَلَى الْمَفْعُولِ الْمُطْلَقِ أَشْيَاءُ مِنْهَا مَا يُشَارِكُ الْمَصْدَرَ فِي حُرُوفِهِ الَّتِي بُنِيَتْ صِيغَتُهُ مِنْهَا، وَيُسَمَّى الْمُشَارِكُ فِي الْمَادَّةِ وَهُوَ أَقْسَامٌ مِنْهَا مَا يَكُونُ اسْمَ عَيْنٍ لَا حَدَثٍ كَالضَّبَّةِ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ وَنَحْوُ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الأَرْضِ نَبَاتًا} [نوح: ١٧] فَضَبَّةٌ اسْمُ عَيْنٍ مُشَارِكٌ لِمَصْدَرِ ضَبَّبَ وَهُوَ التَّضْبِيبُ فِي مَادَّتِهِ فَأُنِيبَ مَنَابَهُ فِي الِانْتِصَابِ عَلَى الْمَفْعُولِ الْمُطْلَقِ اهـ.
(قَوْلُهُ فَبَاءُ بِذَهَبٍ إلَخْ) مَا الْمَانِعُ أَنَّ بَاءَ بِذَهَبٍ صِلَةُ ضَبَّبَ سم وَقَدْ يُقَالُ الْمَانِعُ كَوْنُ ضَبَّةٍ عَلَيْهِ كَالْمُكَرَّرِ وَعَدَمُ حُسْنِهِ نَصَبَهُ عَلَى الْمَصْدَرِيَّةِ إذْ التَّقْدِيرُ حِينَئِذٍ وَمَا ضُبِّبَ بِضَبَّةِ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ ضَبَّةً كَبِيرَةً أَوْ بِنَزْعِ الْخَافِضِ عَطْفٌ عَلَى يُضَبَّبُ (قَوْلُهُ مُوهِمٌ) إذْ يَصِيرُ التَّقْدِيرُ وَمَا ضُبِّبَ بِضَبَّةٍ كَبِيرَةٍ بِذَهَبٍ أَيْ مُلَابِسَةٍ بِذَهَبٍ إلَخْ فَيَقْتَضِي أَنَّ الضَّبَّةَ الْكَبِيرَةَ الْمُمَوَّهَةَ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ تَحْرُمُ مُطْلَقًا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَصْرِيٌّ.
وَقَدْ يُقَالُ هَذَا الْإِيهَامُ مَوْجُودٌ عَلَى الْأَوَّلِ أَيْضًا فَلِمَ دَفَعَهُ هُنَاكَ بِجَعْلِ الْبَاءِ بِمَعْنَى مِنْ دُونَ هُنَا وَلِلْكُرْدِيِّ تَوْجِيهٌ آخَرُ لِلْإِيهَامِ تَرَكْنَاهُ لِغَايَةٍ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ كَالْمُتَمَحِّضَةِ مِنْهُ) أَيْ فَيُفْصَلُ فِيهَا بَيْنَ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
إنْ كَانَتْ تِلْكَ الْقِطَعُ مُتَفَاصِلَةً فَالرَّحْمَةُ هُنَا تُنَاسِبُ الْآتِي وَلَوْ تَعَدَّدَتْ إلَخْ.
(قَوْلُهُ يَعْنِي اسْتِعْمَالُهُ) سَكَتَ عَنْ نَفْسِ الْفِعْلِ الَّذِي هُوَ التَّضْبِيبُ فَهَلْ يَحْرُمُ مُطْلَقًا كَالتَّمْوِيهِ أَوْ يُفَرَّقُ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ تَعْلِيلِ حُرْمَةِ التَّمْوِيهِ مُطْلَقًا بِأَنَّهُ إضَاعَةُ مَالٍ وَلَعَلَّ الثَّانِيَ أَقْرَبَ (قَوْلُهُ الْأَصْلُ إبَاحَتُهُ) أَيْ كَمَا قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ (قَوْلُهُ وَضَبَّةٌ نُصِبَتْ) مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ وَقَوْلُهُ كَنَصْبِ الْمَصْدَرِ يُحْتَمَلُ أَنَّهَا ثَابِتٌ عَنْهُ كَ ضَرَبْته سَوْطًا فَالتَّقْدِيرُ تَضْبِيبُ ضَبَّةٍ إلَخْ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ ذَلِكَ مُرَادُهُمْ (قَوْلُهُ فَبَاءَ بِذَهَبٍ إلَخْ) مَا الْمَانِعُ أَنَّ بَاءَ بِذَهَبٍ صِلَةُ ضَبَّبَ