حَيْثُ لَا عُذْرَ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «رَأَى رَجُلًا يُصَلِّي وَفِي ظَهْرِ قَدَمَيْهِ لُمْعَةٌ مِثْلُ الدِّرْهَمِ لَمْ يُصِبْهَا الْمَاءُ فَأَمَرَهُ أَنْ يُعِيدَ الْوُضُوءَ» وَأَجَابُوا عَنْهُ بِأَنَّ الْخَبَرَ ضَعِيفٌ مُرْسَلٌ وَبِأَنَّهُ صَحَّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - التَّفْرِيقُ بَعْدَ الْجَفَافِ بِحَضْرَةِ الصَّحَابَةِ وَلَمْ يُنْكِرُوا عَلَيْهِ
(وَتَرْكُ الِاسْتِعَانَةِ) بِالصَّبِّ عَلَيْهِ لِغَيْرِ عُذْرٍ؛ لِأَنَّهَا تَرَفُّهٌ لَا يَلِيقُ بِمُتَعَبِّدٍ فَهِيَ خِلَافُ السُّنَّةِ، وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْهَا وَالسِّينُ إمَّا لِلْغَالِبِ أَوْ التَّأْكِيدِ أَمَّا هِيَ فِي غَسْلِ الْأَعْضَاءِ فَمَكْرُوهَةٌ، وَيَجِبُ طَلَبُهَا وَلَوْ بِأُجْرَةِ مِثْلِ فَاضِلَةٍ عَمَّا يَأْتِي فِي الْفِطْرَةِ وَقَبُولُهَا عَلَى مَنْ تَعَيَّنَتْ طَرِيقًا لِطُهْرِهِ، فَإِنْ فَقَدَهَا تَيَمَّمَ وَصَلَّى وَأَعَادَ، وَهِيَ فِي إحْضَارِ نَحْوِ الْمَاءِ مُبَاحَةٌ
(وَ) تَرْكُ (النَّفْضِ) ؛ لِأَنَّهُ كَالتَّبَرِّي مِنْ الْعِبَادَةِ فَهُوَ خِلَافُ السُّنَّةِ كَمَا فِي التَّحْقِيقِ وَشَرْحَيْ مُسْلِمٍ وَالْوَسِيطِ وَصَحَّحَ فِي الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ إبَاحَتَهُ وَالرَّافِعِيُّ كَرَاهَتَهُ لِخَبَرٍ فِيهِ وَرُدَّ بِأَنَّهُ ضَعِيفٌ (وَكَذَا) كَأَنَّ حِكْمَتَهَا مَعَ أَنَّ الْخِلَافَ بِقُوَّتِهِ فِيمَا قَبْلَهُ أَيْضًا تَمَيُّزُ مُقَابِلِهِ بِصِحَّةِ حَدِيثِ الْحَاكِمِ الْآتِي بِهِ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ (التَّنْشِيفُ) ، وَهُوَ أَخْذُ الْمَاءِ بِنَحْوِ خِرْقَةٍ فَلَا إيهَامَ فِي عِبَارَتِهِ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ يُسَنُّ تَرْكُهُ فِي طُهْرِ الْحَيِّ (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ يُزِيلُ أَثَرَ الْعِبَادَةِ فَهُوَ خِلَافُ السُّنَّةِ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
ــ
[حاشية الشرواني]
قَوْلُهُ: حَيْثُ لَا عُذْرَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي التَّفْرِيقِ بِغَيْرِ عُذْرٍ وَفِي طُولِ التَّفْرِيقِ أَمَّا بِالْعُذْرِ فَلَا يَضُرُّ قَطْعًا وَقِيلَ يَضُرُّ عَلَى الْقَدِيمِ.
وَأَمَّا الْيَسِيرُ فَلَا يَضُرُّ إجْمَاعًا اهـ وَكَذَا فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَقِيلَ يَضُرُّ عَلَى الْقَدِيمِ (قَوْلُهُ: فَأَمَرَهُ أَنْ يُعِيدَ إلَخْ) وَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ أَنَّهُ لَوْلَا أَنَّ التَّفْرِيقَ يَضُرُّهُ لَأَمَرَهُ بِمُجَرَّدِ غَسْلِ اللَّمْعَةِ لَا بِإِعَادَةِ الْوُضُوءِ سم (قَوْلُهُ وَبِأَنَّهُ صَحَّ إلَخْ) وَبِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «تَوَضَّأَ فِي السُّوقِ فَغَسَلَ وَجْهَهُ، وَيَدَيْهِ وَمَسَحَ رَأْسَهُ فَدُعِيَ إلَى جِنَازَةٍ فَأَتَى الْمَسْجِدَ فَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ وَصَلَّى عَلَيْهَا» قَالَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ وَبَيْنَهُمَا تَفْرِيقٌ كَثِيرٌ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ
قَوْلُ الْمَتْنِ (وَتَرَكَ الِاسْتِعَانَةَ) أَيْ وَلَوْ كَانَ الْمُعِينُ كَافِرًا شَرْحُ بَافَضْلٍ وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ بِالصَّبِّ عَلَيْهِ إلَخْ) ، وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ مِنْ ذَلِكَ الْوُضُوءِ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا مُعَدَّةٌ لِلِاسْتِعْمَالِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ بِحَيْثُ لَا يَتَأَتَّى الِاسْتِعْمَالُ مِنْهَا عَلَى غَيْرِهِ فَلَيْسَ الْمَقْصُودُ مِنْهَا مُجَرَّدَ التَّرَفُّهِ بَلْ يَتَرَتَّبُ عَلَى الْوُضُوءِ مِنْهَا الْخُرُوجُ مِنْ خِلَافِ مَنْ مَنَعَ الْوُضُوءَ مِنْ الْفَسَاقِيِ الصَّغِيرَةِ وَنَظَافَةِ مَائِهَا فِي الْغَالِبِ عَنْ مَاءِ غَيْرِهَا ع ش (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهَا تَرَفُّهٌ إلَخْ) وَلَيْسَ مِنْ التَّرَفُّهِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ فِي الْعِبَادَةِ عُدُولُهُ مِنْ الْمَاءِ الْمَالِحِ إلَى الْعَذْبِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ بِرْمَاوِيٌّ وَحَلَبِيٌّ.
(قَوْلُهُ: خِلَافَ السُّنَّةِ) عَبَّرَ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي هُنَا وَفِي الْمَوْضِعَيْنِ الْآتِيَيْنِ بِخِلَافِ الْأُولَى وَقَالَ عَبْدُ الرَّءُوفِ فِي شَرْحِ مُخْتَصَرِ الْإِيضَاحِ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ خِلَافَ الْأَوْلَى مِنْ أَقْسَامِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ وَخِلَافَ السُّنَّةِ لَا نَهْيَ فِيهِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْهَا) أَيْ الْإِعَانَةَ حَتَّى لَوْ أَعَانَهُ غَيْرُهُ، وَهُوَ سَاكِتٌ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَالسِّينُ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَتَعْبِيرُهُ بِالِاسْتِعَانَةِ جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ عَلَى أَنَّ السِّينَ تَرِدُ لِغَيْرِ الطَّلَبِ كَاسْتَحْجَرَ الطِّينُ أَيْ صَارَ حَجَرًا فَلَوْ أَعَانَهُ غَيْرُهُ مَعَ قُدْرَتِهِ وَهُوَ سَاكِتٌ مُتَمَكِّنٌ مِنْ مَنْعِهِ كَانَ كَطَلَبِهَا اهـ.
(وَقَيَّدَ بِالْقُدْرَةِ عَلَى الْمَنْعِ) الشَّارِحِ أَيْضًا فِي الْإِمْدَادِ وَالْإِيعَابِ وَأَقَرَّهُ سم عَلَى الْمَنْهَجِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ لِلْغَالِبِ) أَيْ مِنْ أَنَّ الْإِنْسَانَ يَطْلُبُ الصَّبَّ عَلَيْهِ أَوْ التَّأْكِيدِ أَيْ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: ١٩٦] أَيْ تَيَسَّرَ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: طَلَبَهَا) أَيْ الْإِعَانَةَ وَكَذَا ضَمِيرُ تَعَيَّنَتْ (قَوْلُهُ: أَمَّا هِيَ) أَيْ الِاسْتِعَانَةُ لِغَيْرِ عُذْرٍ (قَوْلُهُ: عَمَّا يَأْتِي فِي الْفِطْرَةِ) أَيْ مِنْ مُؤْنَتِهِ وَمُؤْنَةِ مَنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ يَوْمَهُ وَلَيْلَتَهُ وَمِنْ دَيْنِهِ وَمَسْكَنٍ وَخَادِمٍ يَحْتَاجُ إلَيْهِمَا (قَوْلُهُ وَقَبُولُهَا) أَيْ، وَيَجِبُ قَبُولُ الْإِعَانَةِ عَلَى مَنْ تَعَيَّنَتْ إلَخْ أَيْ كَالْأَقْطَعِ (قَوْلُهُ: فِي إحْضَارِ نَحْوِ الْمَاءِ) أَيْ كَالْإِنَاءِ وَالدَّلْوِ إيعَابٌ اهـ كُرْدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: مُبَاحَةٌ) قَدْ أَطْبَقُوا عَلَى هَذَا وَرَأَيْت فِي شَرْحِ صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ لِلْقَسْطَلَّانِيِّ مَا نَصُّهُ وَأَمَّا إحْضَارُ الْمَاءِ فَلَا كَرَاهَةَ أَصْلًا قَالَ ابْنُ حَجَرٍ أَيْ الْعَسْقَلَانِيُّ لَكِنْ الْأَفْضَلُ خِلَافُهُ وَقَالَ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ وَلَا يُقَالُ أَنَّهَا خِلَافُ الْأَوْلَى انْتَهَى اهـ كُرْدِيٌّ
(قَوْلُهُ: كَمَا فِي التَّحْقِيقِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَوْلُهُ وَالرَّافِعِيُّ كَرَاهَتُهُ قَدْ يُقَالُ هَذَا لَا يُنَافِي مَا فِي التَّحْقِيقِ بِنَاءً عَلَى مَذْهَبِ الْأَقْدَمِينَ مِنْ إطْلَاقِ الْمَكْرُوهِ عَلَى خِلَافِ الْأَوْلَى سم وَفِيهِ أَنَّ الرَّافِعِيَّ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ لَا مِنْ الْأَقْدَمِينَ (قَوْلُهُ: كَانَ حِكْمَتُهَا) يَعْنِي حِكْمَةَ الْفَصْلِ بِكَذَا وَقَوْلُهُ بِقُوَّتِهِ حَالٌ مِنْ الْخِلَافِ وَقَوْلُهُ فِيمَا قَبْلَهُ إلَخْ خَبَرُ أَنَّ أَيْ مَوْجُودٌ فِي النَّفْضِ كَالتَّنْشِيفِ وَقَوْلُهُ تَمَيُّزَ مُقَابِلِهِ إلَخْ خَبَرُ كَانَ (قَوْلُهُ تَمَيُّزَ مَا قَبْلَهُ إلَخْ) لَوْ كَانَ الْمُقَابِلُ نَدْبَ التَّنْشِيفِ لَتَمَّ مَا قَالَهُ لَكِنْ الْمَفْهُومُ مِنْ صَنِيعِ الشُّرَّاحِ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ مِنَّا وَالْمُقَابِلُ الْإِبَاحَةُ، وَأَنَّ فِعْلَهُ وَتَرْكَهُ سَوَاءٌ وَعَلَيْهِ فَحَدِيثُ الْحَاكِمِ بِرَدِّهَا لَا يُؤَيِّدُهَا وَبِتَسْلِيمِ مَا ذُكِرَ فَحَدِيثُ النَّفْضِ الْمُؤَيِّدِ لِمُقَابِلِ مَا قَبْلَهُ مُخْرَجٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ فَأَيُّ تَمَيُّزٍ يُفِيدُهُ حَدِيثُ الْحَاكِمِ مَعَ مَا ذُكِرَ بَصْرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: فَلَا اعْتِرَاضَ) أَيْ بِأَنَّهُ كَانَ الْأَوْلَى تَرْكَ قَوْلِهِ كَذَا لِيَعُودَ الْخِلَافُ إلَى النَّفْضِ قَوْلُ الْمَتْنِ (التَّنْشِيفُ) بِالرَّفْعِ بِخَطِّهِ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) إلَى قَوْلِهِ وَخَبَرٌ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ فَلَا إيهَامَ فِي عِبَارَتِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَالتَّعْبِيرُ بِالتَّنْشِيفِ لَا يَقْتَضِي أَنَّ الْمَسْنُونَ تَرْكُهُ إنَّمَا هُوَ الْمُبَالَغَةُ فِيهِ خِلَافًا لِمَنْ تَوَهَّمَهُ إذْ هُوَ كَمَا فِي الْقَامُوسِ أَخْذُ الْمَاءِ بِخِرْقَةٍ وَالتَّعْبِيرُ بِهِ هُنَا هُوَ الْمُنَاسِبُ وَأَمَّا النَّشْفُ بِمَعْنَى الشُّرْبِ فَلَا يَظْهَرُ هُنَا إلَّا بِنَوْعِ تَكَلُّفٍ اهـ.
(قَوْلُهُ: يُسَنُّ إلَخْ) خَبَرُ التَّنْشِيفِ (قَوْلُهُ: فِي طُهْرِ الْحَيِّ) وَسَيَأْتِي
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
رِجْلَيْهِ فَانْغَسَلَتَا
أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ ذَاكِرًا لِلنِّيَّةِ لَكِنْ الشَّارِحِ رَدَّهُ (قَوْلُهُ لَمْ يُصِبْهَا الْمَاءُ) لَا يُقَالُ إنَّ الْمُتَبَادِرَ عَدَمُ غَسْلِهَا مُطْلَقًا فَيُشْكِلُ الِاسْتِدْلَال؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ بَابِ التَّفْرِيقِ بَلْ مِنْ تَرْكِ غَسْلِ بَعْضِ الْعُضْوِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ وَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِإِعَادَةِ الْوُضُوءِ وَلَوْلَا أَنَّ التَّفْرِيقَ يَضُرُّهُ لَأَمَرَهُ بِمُجَرَّدِ غَسْلِ اللَّمْعَةِ
(قَوْلُهُ كَمَا فِي التَّحْقِيقِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَوْلُهُ وَالرَّافِعِيُّ كَرَاهَتُهُ قَدْ يُقَالُ هَذَا لَا يُنَافِي مَا فِي التَّحْقِيقِ بِنَاءً عَلَى مَذْهَبِ الْأَقْدَمِينَ مِنْ