الياقوتة وبعثت بالتابوت من الذهب تقول: تكون لي خزائنك والسمسم تعلّمني أن عدة جنودك كثيرة ككثرته.
ثم إن ذا القرنين أخذ كفا من السمسم بحضرة الرسول فاستفه ومضغه، وقال: قل له جنودك كثيرة، ولكنّي أطحنهم طحنا كهذا السمسم، وبعث معه إليه بجراب من خردل فأخبر الرسول داريوس بما عاين من ذي القرنين، فأعجبه كيده وغضب فأخذ كفّا من الخردل فطرحه في فمه كفعله بالسمسم فلما وجد مرارته وحرافته «١» لفظه، وقال: أشهد أن جنوده في حرافة الخردل، ثم كانت الغلبة لذي القرنين.
ولما صالح ملك الهند اشترط عليهم أن يدفعوا إليه حكيما كان فيهم ففعلوا.
فاستصحبه ولم يفاتحه.
ثم بعث إليه يوما بستوقة «٢» مملوءة سمنا، فأخذها الحكيم وغرز فيها إبرا وردها إليه.
فبعث إليه يوما آخر مرآة صديئة، فأخذها الحكيم فجلاها وردّها إليه. فقيل لذي القرنين تعجبا من فعلهما: ماذا عنيتما بذلك؟ فقال: إني لما بعثت إليه البستوقة قلت: إني ممتلىء من العلم امتلاء هذه البستوقة من السمن فأراني بغرز الإبر أن الأمر بخلاف ذلك، وأن في زيادات كثيرة، وذكرت له بالمرآة الصديئة، أن نفسي قد صدئت. فأجابني: بأن قال: ذاكر العلماء فالمذاكرة جلاء القلوب.
[الإشارة بقول يسير إلى معنى كثير]
كان المأمون رحمه الله غضب على طاهر «٣» بعد ما وجّهه إلى خراسان، فكتب إليه بالرجوع. فكتب إليه صديق له كتاب سلام ووقع على حاشيته: يا موسى. فجعل طاهر يتأمل ذلك ولا يدري معناه، حتى ناوله امرأة صحبته جزلة الرأي، فقالت: إنما عنى يا موسى إن الملا يأتمرون بك ليقتلوك. فأمسك طاهر عن الإقدام وجعل يتقيه حتى طيّب قلبه.
النهي عن التكهّن والطيرة
روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: الطيرة شرك وما منّا من يجده في نفسه، ولكن الله تعالى يذهبه بالتوكل.
وقال صلى الله عليه وسلم: ثلاثة لا ينجو منهن أحد: الظنّ والطيرة والحسد فإذا ظننت فلا تحقق وإذا حسدت فلا تبغ وإذا تطيرت فامض ولا تثن.