إعطاء الملحّ للتبرّم به
قال أعرابي لمعاوية وقد أضجره: قد تحلب الناقة العلبة وهي ضجور، فقال معاوية:
وقد تكسر الإناء وتدق أنف حالبها، فقال الأعرابي: وقد تثني أهلها رقبتها فتدرّ لبنها، فضحك وأعطاه.
استماح أعرابي خالد بن عبد الله فألحف وأبرم، فقال خالد: أعطوه بدرة يدخلها في حر أمه، فقال: وأخرى لإستها يا سيدي لا تبقى فارغة. فضحك، وقال: أخرى لإستها.
وسأل الأصمعي حاجة ألحّ فيها، فقال:
أرحني واسترح منّي فإني ... ثقيل محملي ذرب لساني «١»
وقال أبو سعيد الموسوي في معناه:
أزح علّتي واصرف إلى النّار طلعتي ... فما كلّ وقت رؤيتي بمري «٢»
الحثّ على ترك تجاوز الحدّ في السؤال
من سأل فوق قدره فقد استوجب الردّ، ومن لم يرجّ إلا ما هو مستحق له فإلى الرفد. قيل: إذا أردت أن تطاع فاسأل ما يستطاع، قال: الشاعر:
إنّك إن كلفتني ما لم أطق ... ساك ما سرّك منّي من خلق «٣»
التّرغيب في سؤال السّلاطين
قيل: مسألة الرجل السلطان ومسألة الابن أباه لا تنقصه ولا تشينه. وقال شاعر:
وإذا ابتليت ببذل وجهك سائلا ... فابذله للمتكرّم المفضال
التّرغيب في سؤال الصّباح دون القباح
قال النبي صلّى الله عليه وسلم: اعتمد لحوائجك الصّباح الوجوه، فإن حسن الصورة أول نعمة تلقاك من الرجل. وروي عنه عليه الصلاة والسلام: أطلبوا الحوائج عند حسان الوجوه.
وسئل ابن عائشة عن هذا الحديث، فقال: معناه أطلبوها من الوجوه التي تحسن بالإنسان أن يطلب منها. ونظر ابن عبّاس إلى رجل حسن الوجه، فقال:
أنت شرط النبيّ إذ قال يوما ... أطلبوا الخير من حسّان الوجوه
وقال البحتري:
من حسّن الله وجهه وسجا ... ياه وأعطاه كلّف الكلفا «٤»