أتمنع سؤال العشيرة بعد ما ... تسمّيت بحرا واكتنيت أبا الغمر؟
وكان ربيعة مدح العباس بن محمد بقوله:
لو قيل للعبّاس يا ابن محمّد ... قل لا وأنت مخلّد ما قالها
فأعطاه بعد مطل كثير دينارين فوهب ربيعة ذلك لصاحب دواته، وقال: خذ هذه الرقعة وأوصلها، وكتب فيها:
مدحتك مدحة السيف المحلّى ... لتجري في الكلام كما جريت
فهبها مدحة ذهبت ضياعا ... كذبت عليك فيها وافتريت
[وصف غني لا يعطي ولا ينفق]
قيل: فلان سمين المال مهزول النوال. وقيل: بطر الدعة بخيل السعة. وقيل لجعفر بن محمد إن منصورا لا يلبس منذ صارت الخلافة إليه إلا الخشن ولا يأكل إلا الخشن، فقال: ويحه مع ما يكون له من السلطان وجبي له من الأموال، قالوا: إنما يفعل ذلك بخلا، فرفع يده إلى السماء، فقال: الحمد لله الذي حرمه من دنياه ما ترك من أجله دينه. وقيل: إنه كان أعد اثني عشر ألف عدل من الثياب، فأخرج يوما ثوب خز، وقال: يا ربيع إقطع منه جبة لي وقلنسوة، وبخل أن يأتي بثوب آخر، فلما أفضت الخلافة إلى المهدي أنهبها الغلمان.
قال البسامي:
لقد أوتيت من ملك عظيم ... فما آتيت إنسانا فقيرا
وقال آخر:
ولو يكون على الخزّان يملكه ... لم يسق ذا غلّة من مائه الجاري
وقال آخر:
ألا ليت شعري آل خاقان هل لكم ... إذا ما سلبتم نعمة الله ذاكر
فأما وأنتم لابسون ثيابها ... فما لكم والحمد لله شاكر
المزداد بالثّراء بخلا
أحسن ابن الرومي في قوله:
إذا غمر الماء البخيل وجدته ... يزيد به يبسا وإن ظنّ يرطب
وليس عجيبا ذاك منه فإنه ... إذا غمر الماء الحجارة تصلب
وكان ذلك ممّا روي في الخبر: أن الله إذا سأله عبد شيئا يقول خذه وضعفيه حرصا.
قال ابن الحجّاج:
أناس كلّما ازدادوا علاء ... تناهوا في نفوسهم استفالا