يَتَوَالَى تَثْنِيَتَانِ لَوْ قَالَ وَجْهَيْ أُذُنَيْنِ (ص) وَتَجْدِيدُ مَائِهِمَا (ش) أَيْ وَمِنْ السُّنَنِ تَجْدِيدُ الْمَاءِ لِلْأُذُنَيْنِ فَإِذَا مَسَحَهُمَا مِنْ غَيْرِ تَجْدِيدٍ أَتَى بِسُنَّةِ الْمَسْحِ وَتَرَكَ الْأُخْرَى وَهُوَ التَّجْدِيدُ.
(ص) وَرَدَّ مَسْحَ رَأْسِهِ (ش) أَيْ وَمِنْ السُّنَنِ رَدُّ مَسْحِ رَأْسِهِ مِنْ حَيْثُ بَدَأَ مِنْ الْمُؤَخَّرِ إلَى الْمُقَدَّمِ أَوْ عَكْسُهُ أَوْ مِنْ أَحَدِ الْفَوْدَيْنِ وَيُكْرَهُ تَكْرِيرُ الْمَاءِ لِلرَّدِّ وَلِهَذَا لَوْ نَسِيَهُ حَتَّى أَخَذَ الْمَاءَ لِرِجْلَيْهِ لَمْ يَأْتِ بِهِ وَلَمْ يَكُنْ الرَّدُّ فَضِيلَةً كَالْغَسْلَةِ الثَّانِيَةِ لِأَنَّ لِلشَّعْرِ وَجْهَيْنِ فَالْمَمْسُوحُ ثَانِيًا غَيْرُهُ أَوْ لَا غَالِبًا وَمَنْ لَا شَعْرَ لَهُ تَبَعٌ لِمَنْ لَهُ انْتَهَى وَهَذَا الْكَلَامُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الرَّدَّ سُنَّةٌ حَتَّى فِي الْمُسْتَرْخِي وَبِعِبَارَةٍ وَرَدُّ مَسْحِ رَأْسِهِ سُنَّةٌ وَلَوْ طَالَ الشَّعْرُ بَعْدَ تَعْمِيمِهِ بِالْمَسْحِ فَمَنْ طَالَ شَعْرُهُ بِحَيْثُ لَا يَعُمُّ مَسْحُهُ إلَّا بِإِدْخَالِ يَدَيْهِ تَحْتَهُ فِي رَدِّ الْمَسْحِ يُسَنُّ فِي حَقِّهِ إذَا عَمَّ الْمَسْحُ أَنْ يَرُدَّ وَهَذَا مُرَادُ الشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بِأَنَّ الرَّدَّ سُنَّةٌ وَلَوْ فِي الشَّعْرِ الطَّوِيلِ أَيْ بَعْدَ التَّعْمِيمِ إذْ لَا يَسَعُ أَحَدًا مِمَّنْ يَقُولُ بِوُجُوبِ مَسْحِ جَمِيعِ الرَّأْسِ أَنْ يَقُولَ: إنَّ الرَّدَّ قَبْلَ التَّعْمِيمِ سُنَّةٌ.
(ص) وَتَرْتِيبُ فَرَائِضِهِ (ش) أَيْ وَمِنْ السُّنَنِ تَرْتِيبُ فَرَائِضِ الْوُضُوءِ مِنْ غَسْلِ وَجْهِهِ قَبْلَ يَدَيْهِ ثُمَّ مَسْحِ رَأْسِهِ قَبْلَ رِجْلَيْهِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَدَلَ عَنْ حَرْفَيْ التَّرْتِيبِ إلَى الْوَاوِ الَّتِي لِمُطْلَقِ الْجَمْعِ وَلِقَوْلِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَا أُبَالِي إذَا أَتْمَمْت وُضُوئِي بِأَيِّ أَعْضَائِي بَدَأْت (ص) فَيُعَادُ الْمُنَكِّسُ وَحْدَهُ إنْ بَعُدَ بِجَفَافٍ وَإِلَّا مَعَ تَابِعِهِ (ش) هَذَا مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِ وَتَرْتِيبُ فَرَائِضِهِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ نَكَّسَ وُضُوءَهُ وَقَدْ طَالَ بَعْدَ انْتِهَاءِ الْوُضُوءِ بِأَنْ جَفَّتْ الْأَعْضَاءُ، فَإِنَّهُ يُعِيدُ الْمُنَكِّسَ وَحْدَهُ بِدُونِ تَابِعِهِ إنْ كَانَ التَّفْرِيقُ سَاهِيًا، وَإِنْ كَانَ عَامِدًا أَوْ جَاهِلًا، فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ إعَادَةُ الْوُضُوءِ، فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ طُولٌ بَلْ ذَكَرَ ذَلِكَ بِحَضْرَةِ الْمَاءِ أَعَادَ الْمُنَكَّسَ وَمَا بَعْدَهُ شَرْعًا لَا فِعْلًا فَإِذَا بَدَأَ بِذِرَاعَيْهِ ثُمَّ بِوَجْهِهِ ثُمَّ بِرَأْسِهِ ثُمَّ بِرِجْلَيْهِ وَبَعُدَ الْأَمْرُ أَعَادَ ذِرَاعَيْهِ فَقَطْ لِيَقَعَا بَعْدَ غَسْلِ وَجْهِهِ، فَإِنْ لَمْ يَبْعُدْ الْأَمْرُ أَعَادَ ذِرَاعَيْهِ مَعَ مَا بَعْدَهُمَا شَرْعًا وَهُوَ مَسْحُ الرَّأْسِ وَغَسْلُ الرِّجْلَيْنِ فَقَوْلُهُ الْمُنَكَّسَ أَيْ الْفَرْضَ الْمُنَكَّسَ لَا السُّنَّةَ، وَقَوْلُهُ: إنْ بَعُدَ أَيْ بَعُدَ زَمَنُ تَرْكِهِ مِنْ زَمَنِ تَذَكُّرِهِ أَيْ إنْ طَالَ مَا بَيْنَ تَرْكِهِ وَتَذَكُّرِهِ وَقَوْلُهُ بِجَفَافٍ تَفْسِيرٌ لِلْبُعْدِ أَيْ إنْ بَعُدَ بُعْدًا مُقَدَّرًا بِجَفَافِ أَعْضَاءٍ بِزَمَنٍ اعْتَدَلَا أَيْ مَعَ اعْتِدَالِ الْمَكَانِ كَمَا مَرَّ وَتَقَدَّمَ فِي الْمُوَالَاةِ أَنَّ التَّفْرِيقَ عَمْدًا لَا يُحَدُّ بِالْجَفَافِ بَلْ بِدُونِهِ فَيَنْبَغِي هُنَا ذَلِكَ أَيْ فَالْجَفَافُ هُنَا فِي حَقِّ مَنْ نَكَّسَ نَاسِيًا وَحُكْمُ إعَادَةِ الْمُنَكِّسِ السُّنِّيَّةُ، وَإِنَّمَا صَرَّحَ بِقَوْلِهِ وَإِلَّا مَعَ تَابِعِهِ، وَإِنْ كَانَ مَفْهُومَ شَرْطٍ لِأَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ مَفْهُومُ الشَّرْطِ إلَّا إذَا كَانَ مُعَيَّنًا مَعْلُومًا وَهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ فَلِذَا صَرَّحَ بِهِ.
(ص) وَمَنْ تَرَكَ فَرْضًا أَتَى بِهِ وَبِالصَّلَاةِ أَوْ سُنَّةً فَلَعَلَّهَا لِمَا يَسْتَقْبِلُ (ش) لَمَّا كَانَ حُكْمُ الْمَنْسِيِّ عِنْدَ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ: وَتَجْدِيدُ مَائِهِمَا) أَيْ فَلَا يَكْفِي مَسْحُهُمَا بِمَا بَقِيَ مِنْ بَلَلٍ بَعْدَ مَسْحِ رَأْسِهِ؛ لِأَنَّهُمَا عُضْوَانِ مُسْتَقِلَّانِ لَا مِنْ الرَّأْسِ وَلَا مِنْ الْجَسَدِ كَمَا أَفَادَهُ تت (قَوْلُهُ: مَائِهِمَا) أَيْ مَاءٍ لَهُمَا فَهُوَ عَلَى حَذْفِ الْجَارِّ.
(قَوْلُهُ: وَرَدُّ مَسْحِ رَأْسِهِ) وَمَحِلُّ كَوْنِ الرَّدِّ سُنَّةً حَيْثُ بَقِيَ بِيَدِهِ بَلَلٌ مِنْ الْمَسْحِ الْوَاجِبِ وَإِلَّا لَمْ يُسَنَّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا بَقِيَ بِيَدِهِ بَلَلٌ يَكْفِي بَعْضَ الرَّدِّ أَنَّهُ يُسَنُّ بِقَدْرِ الْبَلَلِ فَقَطْ لِحَدِيثِ «إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ بِمَا اسْتَطَعْتُمْ» (قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ) أَيْ مِنْ مُقَابِلِ جِهَةِ الْبَدْءِ وَأَنَّ مِنْ بِمَعْنَى إلَى قَالَ الْحَطَّابُ رَدُّ الْيَدَيْنِ فِي مَسْحِ الرَّأْسِ إلَى الْمَحِلِّ الَّذِي بَدَأَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: الْفَوْدَيْنِ) تَثْنِيَةُ فَوْدٍ جَانِبِ الرَّأْسِ (قَوْلُهُ: فَالْمَمْسُوحُ ثَانِيًا غَيْرُهُ أَوَّلًا) هَذِهِ الْعِلَّةُ ضَعِيفَةٌ؛ لِأَنَّهَا تُنْتِجُ وُجُوبَ الرَّدِّ وَقَدْ يُقَالُ تَعْلِيلُهُمْ بِهَذَا مَعَ الْحُكْمِ بِسُنِّيَّةِ الرَّدِّ يُؤْذِنُ بِأَنَّ الْمَسْحَ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّخْفِيفِ وَأَنَّ الْفَرْضَ إنَّمَا هُوَ الْأَوْلَى، وَإِنْ كَانَ الَّذِي يُمْسَحُ فِي الرَّدِّ غَيْرَ الَّذِي يُمْسَحُ فِي الْبَدْءِ وَحِينَئِذٍ فَالْأَوْلَى أَنْ يَبْقَى كَلَامُ الشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَلَى إطْلَاقِهِ فَلَا يُؤَوَّلُ كَمَا أَوَّلَهُ عج وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: أَنْ يَرُدَّ وَهَذَا مُرَادُ الشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) الظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مُرَادٍ لَهُ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ قَبْلُ وَلَمْ يَكُنْ الرَّدُّ فَضِيلَةً إلَخْ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ اللَّهَ) تَعْلِيلٌ لِعَدَمِ الْوُجُوبِ الَّذِي هُوَ مِنْ لَوَازِمِ السُّنَّةِ إلَّا أَنَّهُ لَا يُنْتِجُ خُصُوصَ السُّنَّةِ لِاحْتِمَالِ الِاسْتِحْبَابِ، فَإِنْ قُلْت: بَلْ يَحْتَمِلُ الْجَوَازَ قُلْت: التَّرْتِيبُ اللَّفْظِيُّ لَا يَخْلُو عَنْ حِكْمَةٍ وَأَقَلُّ مَا هُنَاكَ الِاسْتِحْبَابُ وَقَدْ يُقَالُ: السَّنَدُ فِي السُّنَّةِ فِعْلُ النَّبِيِّ الْمُدَاوِمُ عَلَيْهِ غَيْرَ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مُسْتَفَادًا مِنْ الْعِبَارَةِ (قَوْلُهُ: فَيُعَادُ الْمُنَكِّسُ) أَيْ الْفَرْضُ الْمُنَكِّسُ هُوَ الْمُقَدَّمُ عَلَى مَوْضِعِهِ الْمَشْرُوعِ لَهُ عَادَةً فَيُعِيدُهُ مَعَ الْبُعْدِ مَرَّةً عَلَى جِهَةِ السُّنِّيَّةِ أَيْ إذَا كَانَ نَاسِيًا، وَأَمَّا إذَا كَانَ عَامِدًا أَوْ جَاهِلًا فَسَيَأْتِي (قَوْلُهُ: وَإِلَّا مَعَ) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ بُعْدٌ بَلْ بِالْقُرْبِ فَيُعِيدُ الْمُنَكَّسَ ثَلَاثًا اسْتِنَانًا مَعَ تَابِعِهِ نَدْبًا مَرَّةً مَرَّةً لِيَسَارَةِ ذَلِكَ وَلَا فَرْقَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بَيْنَ النَّاسِي وَغَيْرِهِ هَكَذَا قَرَّرَهُ عج وَتَبِعَهُ تَلَامِذَتُهُ وَاَلَّذِي فِي الشَّيْخِ سَالِمٍ وَالطِّخِّيخِيِّ يُعَادُ الْمُنَكَّسُ مَرَّةً مَرَّةً وَاعْتَمَدَهُ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ: يُسْتَحَبُّ لَهُ إعَادَةُ الْوُضُوءِ) أَيْ لَا الصَّلَاةُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ لَا يُعِيدُهُ وَلَا الصَّلَاةَ وَقِيلَ يُعِيدُ الْوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ أَبَدًا أَيْ نَدْبًا فِي الْوَقْتِ وَغَيْرِهِ وَاقْتَصَرَ الشَّارِحُ عَلَى الْأَوَّلِ لِقَبُولِ ابْنِ عَرَفَةَ لَهُ، وَوَجْهُ التَّفْرِقَةِ أَنَّ إعَادَةَ الْوُضُوءِ مُرَغَّبٌ فِيهَا بِدَلِيلِ الْأَمْرِ بِالتَّجْدِيدِ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا تُصَلُّوا فِي يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ» ، وَإِنْ نَصَّ ابْنُ حَجَرٍ عَلَى ضَعْفِهِ (قَوْلُهُ: وَتَقَدَّمَ إلَخْ) لَمْ يَتَقَدَّمْ، وَقَوْلُهُ: بَلْ بِدُونِهِ صَاحِبُ ذَلِكَ الْقَوْلِ لَمْ يُعَيِّنْ ذَلِكَ الدُّونَ وَلَكِنْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ التَّفْرِيقَ فِي الْعَامِدِ وَالْعَاجِزِ وَاحِدٌ وَهُوَ الْحَدُّ بِالْجَفَافِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: وَهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ) فِيهِ أَنَّهُ مُتَعَيَّنٌ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا قَالَ وَحْدَهُ عِنْدَ الْجَفَافِ يُعْلَمُ أَنَّهُ عِنْدَ عَدَمِ الْجَفَافِ يُعِيدُ مَعَ تَابِعِهِ وَكَوْنُهُ يُتَوَهَّمُ عَدَمُ إعَادَتِهِ أَصْلًا لَا يَصِحُّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ يُعِيدُ مَعَ تَابِعِهِ وَمَعَ بَعْضِ تَابِعِهِ فَأَفَادَ أَنَّهُ يُعِيدُ مَعَ تَابِعِهِ أَيْ مَعَ كُلِّ تَابِعِهِ.
(قَوْلُهُ: أَتَى بِهِ) وُجُوبًا بِنِيَّةِ إكْمَالِ الْوُضُوءِ إنْ تَرَكَهُ نَاسِيًا مُطْلَقًا كَعَامِدٍ أَوْ جَاهِلٍ أَوْ عَاجِزٍ لَمْ يَطُلْ بِغَيْرِ نِيَّةٍ فِيهِمَا، فَإِنْ طَالَ ابْتَدَأَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute