وَنَوَى بِبَعْضِهَا الْإِدَارَةَ وَبِالْبَعْضِ الْآخَرِ الِاحْتِكَارَ فَإِنَّهُ يُزَكِّي كُلَّ وَاحِدٍ عَلَى حُكْمِ نَفْسِهِ فَيُقَوِّمُ الْعَرْضَ الْمُدَارَ كُلَّ سَنَةٍ وَالْعَرْضُ الْمُحْتَكَرُ يُزَكِّيهِ إذَا بَاعَهُ لِعَامٍ وَاحِدٍ مِنْ أَصْلِهِ فَلَوْ كَانَ الْعَرْضُ الْمُحْتَكَرُ أَكْثَرَ مِنْ الْعَرْضِ الْمُدَارِ فَالْمَشْهُورُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَبْقَى عَلَى حُكْمِهِ أَيْضًا فَيُزَكِّيهِ كَمَا مَرَّ فَلَوْ كَانَ الْعَرْضُ الْمُدَارُ أَكْثَرَ مِنْ الْعَرْضِ الْمُحْتَكَرِ فَإِنَّهُ يُزَكِّي جَمِيعَ عُرُوضِهِ عَلَى حُكْمِ الْإِدَارَةِ فَيُقَوِّمُهَا كُلَّ عَامٍ وَيُزَكِّيهَا مَعَ مَا مَعَهُ مِنْ النَّقْدِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ. (ص) وَإِلَّا فَالْجَمِيعُ لِلْإِدَارَةِ وَلَا تُقَوَّمُ الْأَوَانِي (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُدِيرَ لَا يُقَوِّمُ الْأَوَانِيَ الَّتِي يُدِيرُ فِيهَا بِضَاعَتَهُ كَأَوَانِي الْعِطَارَةِ وَالزِّيَاتَةِ وَبَقَرِ الْحَرْثِ لِبَقَاءِ عَيْنِهَا فَأَشْبَهَتْ الْقِنْيَةَ وَلَا تُقَوَّمُ كِتَابَةُ مُكَاتَبٍ وَخِدْمَةُ مُخْدِمٍ وَالْمُرَادُ بِالْأَوَانِي غَيْرُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَإِلَّا زَكَّى زِنَتَهَا وَالْإِبِلُ الْمُعَدَّةُ لِلْحَمْلِ كَالْأَوَانِي لَا تُقَوَّمُ وَيُزَكَّى عَيْنُهَا حَيْثُ كَانَتْ نِصَابًا
. (ص) وَفِي تَقْوِيمِ الْكَافِرِ لِحَوْلٍ مِنْ إسْلَامِهِ، أَوْ اسْتِقْبَالِهِ بِالثَّمَنِ قَوْلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْكَافِرَ إذَا أَسْلَمَ وَكَانَ مُدِيرًا هَلْ يُقَوِّمُ عُرُوضَهُ وَدُيُونَهُ فَيُزْكِيهَا مَعَ مَا بِيَدِهِ مِنْ الْعَيْنِ لِحَوْلٍ مِنْ يَوْمِ أَسْلَمَ أَوْ يَسْتَقْبِلُ بِثَمَنِهَا حَوْلًا مِنْ يَوْمِ قَبْضِهِ كَالْفَائِدَةِ؟ وَأَمَّا الْمُحْتَكِرُ إذَا أَسْلَمَ فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِلُ بِثَمَنِ عُرُوضِهِ حَوْلًا مِنْ يَوْمِ قَبْضِهِ قَوْلًا وَاحِدًا فَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَا أَنَّ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ فِي الْكَافِرِ الَّذِي أَسْلَمَ الْمُدِيرِ (ص) وَالْقِرَاضُ الْحَاضِرُ يُزَكِّيهِ رَبُّهُ إنْ أَدَارَا أَوْ الْعَامِلُ مِنْ غَيْرِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَالَ الْقِرَاضِ يُزَكِّيهِ رَبُّهُ مِنْ غَيْرِهِ وَهُوَ بِيَدِ عَامِلِهِ إذَا كَانَ حَاضِرًا أَوْ مَا فِي حُكْمِهِ مِمَّا يُعْلَمُ تَلَفُهُ وَخُسْرُهُ وَبَقَاؤُهُ وَرِبْحُهُ لَكِنْ إذَا كَانَ الْعَامِلُ مُدِيرًا وَرَبُّهُ مُدِيرًا أَيْضًا، أَوْ مُحْتَكِرًا فَإِنَّ رَبَّهُ يُزَكِّيهِ كُلَّ عَامٍ بِأَنْ يُقَوِّمَ كُلَّ مَا جَاءَ شَهْرَ زَكَاتِهِ مَا بِيَدِهِ وَبِيَدِ عَامِلِهِ فِي الْأُولَى وَمَا بِيَدِ عَامِلِهِ فَقَطْ فِي الثَّانِيَةِ وَيُزَكِّي رَأْسَ مَالِهِ وَقَدْرَ حِصَّتِهِ مِنْ الرِّبْحِ فَقَطْ وَلَا زَكَاةَ فِي حِصَّةِ الْعَامِلِ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَّا بَعْدَ الْمُفَاصَلَةِ فَيُزَكِّيهَا الْعَامِلُ لِسَنَةٍ وَاحِدَةٍ، وَلَوْ كَانَا مُدِيرَيْنِ فَقَوْلُهُ: وَالْقِرَاضُ أَيْ وَمَالُ الْقِرَاضِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ: إنْ أَدَارَا أَوْ الْعَامِلُ كَانَ مَا بِيَدِ الْعَامِلِ أَقَلَّ مِمَّا بِيَدِ رَبِّ الْمَالِ أَوْ مُسَاوِيًا لَهُ، أَوْ أَكْثَرَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِ قَوْلِهِ: أَوْ الْعَامِلُ بِمَا إذَا كَانَ مَا بِيَدِهِ مِنْ مَالِ رَبِّ الْمَالِ أَكْثَرَ وَمَا بِيَدِ الْمُحْتَكِرِ أَقَلَّ وَمِثْلُهُ مَا إذَا كَانَ مَا بِيَدِ رَبِّ الْمَالِ أَكْثَرَ، وَهُوَ مُدِيرٌ وَهَذَا التَّقْيِيدُ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ مَا هُنَا يَجْرِي عَلَى مَسْأَلَةِ: وَإِنْ اجْتَمَعَ إدَارَةٌ وَاحْتِكَارٌ. . . إلَخْ وَهُوَ مَا صَدَّرَ بِهِ ابْنُ مُحْرِزٍ وَقَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ مُتَعَلِّقٌ بِيُزَكِّيهِ أَيْ لَا مِنْهُ لِئَلَّا يَنْقُصَ مَالُ الْقِرَاضِ وَالرِّبْحُ يَجْبُرُهُ فَفِيهِ نَقْصٌ عَلَى الْعَامِلِ إلَّا أَنْ يَرْضَى الْعَامِلُ بِذَلِكَ وَفِي كَلَامِ النَّاصِرِ مَا يُفِيدُ أَنَّ لَهُ أَنْ يُزَكِّيَهُ مِنْ غَيْرِهِ وَلَهُ أَنْ يُزَكِّيَهُ مِنْهُ وَيَحْسِبَهُ عَلَى نَفْسِهِ الرَّجْرَاجِيُّ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ، أَوْ مِنْ الْمَالِ مُشْكِلٌ إذْ فِي إخْرَاجِهَا مِنْ عِنْدِهِ زِيَادَةٌ فِي الْقِرَاضِ وَفِي إخْرَاجِهَا مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ نَقْصٌ مِنْهُ قَالَهُ ح وَيُجَابُ بِأَنَّ هَذَا أَمْرٌ يَسِيرٌ وَرُبَّمَا يَكُونُ هَذَا أَمْرًا مَدْخُولًا عَلَيْهِ
. (ص) وَصَبَرَ إنْ غَابَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْقِرَاضَ إذَا كَانَ غَائِبًا غَيْبَةً يَنْقَطِعُ خَبَرُهُ فِيهَا مِنْ بَقَاءٍ، أَوْ
ــ
[حاشية العدوي]
(قَوْلُهُ: فَالْمَشْهُورُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَبْقَى عَلَى حُكْمِهِ) وَمُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ مِنْ أَنَّهُ يُزَكِّي الْجَمِيعَ عَلَى حُكْمِ الِاحْتِكَارِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ فِي جَمِيعِ عُرُوضِهِ عَلَى حُكْمِ الْإِدَارَةِ) وَلَعَلَّهُ لِمُرَاعَاةِ جَانِبِ الْفُقَرَاءِ.
(قَوْلُهُ: وَيُزَكِّيهَا مَعَ مَا مَعَهُ مِنْ النَّقْدِ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ يَبْقَى كُلٌّ عَلَى حُكْمِهِ قَالَ فِي الْبَيَانِ، وَهُوَ الْقِيَاسُ. (قَوْلُهُ: وَلَا تُقَوَّمُ كِتَابَةُ مُكَاتَبٍ) أَيْ إذَا كَانَ عِنْدَهُ عَبْدٌ مِنْ عُبَيْدِ التِّجَارَةِ كَاتَبَهُ فَلَا يُقَوِّمُ كِتَابَتَهُ. (قَوْلُهُ خِدْمَةُ مُخْدِمٍ) أَيْ إذَا أَخْدَمَهُ إنْسَانٌ عَبْدًا يُعَاوِنُهُ فَإِنَّهَا لَا تُقَوَّمُ
. (قَوْلُهُ: وَفِي تَقْوِيمِ الْكَافِرِ) أَيْ مَنْ كَانَ كَافِرًا أَيْ الْمُدِيرُ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ وَهَذَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ: تَقْوِيمٌ أَيْ حَيْثُ نَضَّ لَهُ، وَلَوْ بِدِرْهَمٍ كَالْمُدِيرِ الْمُسْلِمِ ابْتِدَاءً. (قَوْلُهُ أَوْ يَسْتَقْبِلُ بِثَمَنِهَا حَوْلًا) وَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ نِصَابًا لِأَنَّهُ كَالْفَائِدَةِ. (قَوْلُهُ إنْ أَدَارَا) قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُدِيرَ لَا بُدَّ فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ عَلَيْهِ مِنْ أَنْ يَنِضَّ لَهُ، وَلَوْ بِدِرْهَمٍ فَهَلْ إذَا كَانَ الْعَامِلُ وَرَبُّ الْمَالِ مُدِيرًا يَكْفِي النَّضُوضُ مِنْ أَحَدِهِمَا وَإِذَا أَدَارَ الْعَامِلُ فَقَطْ فَلَا بُدَّ أَنْ يَنِضَّ لَهُ شَيْءٌ، وَهُوَ ظَاهِرٌ مِمَّا سَيَأْتِي لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَمْ لَا قَالَهُ ز وَقَالَ اللَّقَانِيِّ وَيُشْتَرَطُ النَّضُوضُ فِيمَنْ لَهُ الْحُكْمُ (قَوْلُهُ: أَيْ وَمَالُ الْقِرَاضِ) لَا حَاجَةَ لَهُ؛ لِأَنَّ الْقِرَاضَ يُطْلَقُ بِالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ وَيُطْلَقُ بِالْمَعْنَى الِاسْمِيِّ كَمَا ذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ: بَلْ لَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِهِ) لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ التَّقْيِيدِ، بَلْ الصَّوَابُ تَمْشِيَةُ الْمَتْنِ عَلَى ظَاهِرِهِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ قَدْ قَالَ وَالْقِرَاضُ الْحَاضِرُ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ صَرِيحٌ فِي أَنَّ التَّزْكِيَةَ تَتَعَلَّقُ بِالْقِرَاضِ الْحَاضِرِ فَحِينَئِذٍ التَّعْمِيمُ صَحِيحٌ سَوَاءٌ كَانَ مَا بِيَدِ رَبِّ الْمَالِ أَقَلَّ، أَوْ أَكْثَرَ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ رَبَّ الْمَالِ إذَا كَانَ مُدِيرًا كَالْعَامِلِ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ، وَأَمَّا إذَا كَانَ مُحْتَكِرًا وَتَسَاوَى فَكُلٌّ عَلَى حُكْمِهِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ رَبُّ الْمَالِ مُحْتَكِرًا، أَوْ كَانَ مَا بِيَدِهِ الْأَقَلُّ لِلْإِدَارَةِ أَوْ كَانَ مَا بِيَدِهِ الْأَكْثَرُ فَكُلٌّ عَلَى حُكْمِهِ وَكَأَنَّ الشَّارِحَ نَظَرَ إلَى أَنَّ رَبَّ الْمَالِ يُزَكِّي جَمِيعَ مَالِهِ مِمَّا كَانَ عِنْدَ الْعَامِلِ، أَوْ عِنْدَهُ عَلَى وَجْهِ الْإِدَارَةِ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِلَازِمٍ؛ لِأَنَّ الْمُصَنَّفَ فِي الْمَالِ الَّذِي بِيَدِ الْعَامِلِ فَقَطْ فَلَا مُوجِبَ لِلنَّظَرِ فِي الْمَالِ الَّذِي بِيَدِ رَبِّ الْمَالِ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا صَدَّرَ بِهِ ابْنُ مُحْرِزٍ) وَاَلَّذِي لَمْ يُصَدِّرْ بِهِ أَنَّ كُلًّا عَلَى حُكْمِهِ مُطْلَقًا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ، وَهُوَ الصَّوَابُ (قَوْلُهُ: نَقَصَ مِنْهُ) أَيْ وَكُلٌّ مِنْ النَّقْصِ وَالزِّيَادَةِ لَا يَجُوزُ. (قَوْلُهُ: بِأَنَّ هَذَا) أَيْ مَا ذُكِرَ أَيْ مِنْ كَوْنِهِ عِنْدَ رَبِّهِ، أَوْ مِمَّا بِيَدِ الْعَامِلِ وَإِنْ كَانَ الْمُصَنِّفُ ذَهَبَ إلَى أَنَّهُ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ. (قَوْلُهُ: بِأَنَّ هَذَا أَمْرٌ يَسِيرٌ) أَيْ يَحْصُلُ فِي آخِرَةِ الْأَمْرِ فَلَا حُكْمَ لَهُ بَلْ رُبَّمَا كَانَ مَدْخُولًا عَلَيْهِ أَيْ أَمْرٌ يَجُوزُ الدُّخُولُ عَلَيْهِ شَرْعًا
. (قَوْلُهُ: وَصَبْرٌ) أَيْ أُبِيحَ لَهُ الصَّبْرُ فَلَوْ أَخْرَجَهَا جَازَ فَإِنْ تَبَيَّنَ زِيَادَةَ الْمَالِ عَلَى مَا زَكَّى عَلَيْهِ أَخْرَجَهُ، وَإِنْ تَبَيَّنَ نَقْصَهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute