للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَلَفٍ، أَوْ رِبْحٍ، أَوْ خُسْرٍ فَإِنَّ رَبَّهُ يَصْبِرُ إلَى أَنْ يَرْجِعَ إلَيْهِ مَالُهُ، أَوْ يَعْلَمَ أَمْرَهُ فَإِنْ تَلِفَ فَلَا ضَمَانَ وَلَا يُزَكِّيهِ الْعَامِلُ لِاحْتِمَالِ دَيْنِ رَبِّهِ، أَوْ مَوْتِهِ إلَّا أَنْ يَأْمُرَهُ رَبُّهُ بِذَلِكَ أَوْ يُؤْخَذَ بِالزَّكَاةِ فَيُجْزِئَهُ وَيُحْسَبُ عَلَيْهِ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ وَضَمِيرُ صَبَرَ رَاجِعٌ إلَى رَبِّ الْقِرَاضِ ثُمَّ بَعْدَ حُضُورِهِ لَا تَخْلُو السُّنُونَ الَّتِي قَبْلَ سَنَةِ الْمُفَاصَلَةِ مِنْ وُجُوهٍ إمَّا أَنْ يَكُونَ مَا فِيهَا مُسَاوِيًا لَهَا، أَوْ زَائِدًا أَوْ نَاقِصًا وَقَدْ ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ هَذِهِ الْأَقْسَامَ بِقَوْلِهِ: (فَزَكَّى لِسَنَةِ الْفَصْلِ مَا فِيهَا) مِنْ قَلِيلٍ، أَوْ كَثِيرٍ وَالْمُرَادُ بِسَنَةِ الْفَصْلِ سَنَةُ حُضُورِ جَمِيعِ الْمَالِ أَيْ عِلْمِهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهَا سَنَةَ الْمُفَاصَلَةِ وَلَا سَنَةَ النَّضُوضِ ثُمَّ لَمَّا يُزَكِّي سَنَةَ الْفَصْلِ مَا فِيهَا يَنْظُرُ لِمَا قَبْلَهَا مِنْ السِّنِينَ فَإِنْ كَانَ مَا قَبْلَهَا مُسَاوِيًا لَهَا زَكَّى مَا قَبْلَهَا عَلَى حُكْمِهَا وَلِوُضُوحِ هَذَا تَرَكَهُ، وَإِنْ كَانَ أَزْيَدَ مِنْهَا فَأَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ.

(ص) وَسَقَطَ مَا زَادَ قَبْلَهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَا زَادَ عَلَى سَنَةِ الْفَصْلِ تَسْقُطُ زَكَاتُهُ لِأَنَّ الزَّائِدَ لَمْ يَصِلْ إلَى يَدِهِ فَلَمْ يَنْتَفِعْ بِهِ كَأَنْ يَكُونَ فِي الْعَامِ الْأَوَّلِ أَرْبَعُمِائَةٍ وَفِي الثَّانِي ثَلَاثُمِائَةٍ وَفِي الثَّالِثِ مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ فَإِنَّهُ يُزَكِّي لِعَامِ الِانْفِصَالِ عَنْ مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ ثُمَّ يُزَكِّي ذَلِكَ عَنْ السَّنَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ إلَّا مَا نَقَصَهُ جُزْءُ الزَّكَاةِ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ انْتَهَى وَيَظْهَرُ أَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ إلَّا الشَّيْءَ الَّذِي نَقَصَهُ جُزْءُ الزَّكَاةِ وَهُوَ سِتَّةُ دَنَانِيرَ وَرُبُعُ دِينَارٍ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْعَامِ الَّذِي قَبْلَ عَامِ الِانْفِصَالِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْأَخْذُ يُنْقِصُ النِّصَابَ كَمَا لَوْ كَانَ عِنْدَهُ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ دِينَارًا وَغَابَ عَلَيْهَا خَمْسَةَ سِنِينَ فَانْظُرْ هَلْ يُزَكِّي عَنْ الْخَمْسِ سِنِينَ، أَوْ يُزَكِّي حَتَّى يَحْصُلَ النَّقْصُ وَمِنْ هَذَا أَيْضًا مَا لَوْ كَانَ بِيَدِهِ عِشْرُونَ وَغَابَ عَلَيْهَا الْمُدَّةَ الْمَذْكُورَةَ وَمَا أَشْبَهَهَا هَلْ يُزَكِّي لِلسِّنِينَ الْمَاضِيَةِ أَوْ لِسَنَةِ الِانْفِصَالِ خَاصَّةً. انْتَهَى الدَّمِيرِيُّ

. (ص) وَإِنْ نَقَصَ فَلِكُلِّ مَا فِيهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَالَ الْقِرَاضِ إذَا نَقَصَ عَنْ سَنَةِ الِانْفِصَالِ فَإِنَّهُ يُزَكِّي لِكُلِّ سَنَةٍ مَا كَانَ فِيهَا كَمَا إذَا كَانَ مَالُ الْقِرَاضِ فِي السَّنَةِ الْأُولَى ثَلَاثِينَ وَفِي الثَّانِيَةِ أَرْبَعِينَ وَفِي الثَّالِثَةِ خَمْسِينَ فَإِنَّهُ يُزَكِّي لِسَنَةِ الِانْفِصَالِ خَمْسِينَ وَفِي السَّنَةِ الَّتِي قَبْلَهَا أَرْبَعِينَ وَيُزَكِّي فِي السَّنَةِ الْأُولَى ثَلَاثِينَ.

(ص) وَأَزْيَدَ وَأَنْقَصَ قَضَى بِالنَّقْصِ عَلَى مَا قَبْلَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَالَ الْقِرَاضِ إذَا كَانَ فِي بَعْضِ السِّنِينَ أَزْيَدَ مِنْ سَنَةِ الِانْفِصَالِ وَفِي بَعْضِهَا أَنْقَصَ مِنْهَا فَإِنَّهُ يَقْضِي بِالنَّقْصِ عَلَى مَا قَبْلَهُ كَمَا إذَا كَانَ مَالُ الْقِرَاضِ فِي السَّنَةِ الْأُولَى خَمْسِينَ وَفِي الثَّانِيَةِ ثَلَاثِينَ وَفِي الثَّالِثَةِ أَرْبَعِينَ فَإِنَّهُ يُزَكِّي لِسَنَةَ الِانْفِصَالِ أَرْبَعِينَ وَيُزَكِّي عَنْ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ ثَلَاثِينَ وَعَنْ الْأُولَى ثَلَاثِينَ أَيْضًا لِأَنَّ الزَّائِدَ لَمْ يَصِلْ لِرَبِّ الْمَالِ وَلَا انْتَفَعَ بِهِ وَفِي مِثَالِ الشَّارِحِ نَظَرٌ وَإِنَّمَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مِثَالًا لِقَوْلِهِ: وَسَقَطَ مَا زَادَ قَبْلَهَا

. (ص) ، وَإِنْ احْتَكَرَا، أَوْ الْعَامِلُ فَكَالدَّيْنِ (ش) يَعْنِي أَنَّ عَامِلَ الْقِرَاضِ إذَا كَانَ مُحْتَكِرًا فِي مَالِ الْقِرَاضِ وَرَبُّ الْمَالِ مُحْتَكِرًا فِيمَا بَقِيَ مِنْ الْمَالِ بِيَدِهِ أَيْضًا، أَوْ كَانَ الْعَامِلُ فَقَطْ مُحْتَكِرًا وَرَبُّ الْمَالِ مُدِيرًا وَمَا بِيَدِ الْعَامِلِ مُسَاوِيًا لِمَا بِيَدِ رَبِّ الْمَالِ، أَوْ أَكْثَرَ كَمَا مَرَّ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ فَإِنَّ رَبَّهُ لَا يُزَكِّيهِ إلَّا لِسَنَةٍ وَاحِدَةٍ بَعْدَ قَبْضِهِ لَهُ وَلَوْ طَالَ بِيَدِ الْعَامِلِ أَمَّا إذَا كَانَ مَا بِيَدِ الْعَامِلِ هُوَ الْأَقَلَّ فَلَا يَكُونُ كَالدَّيْنِ وَيَكُونُ الْأَقَلُّ تَبَعًا لِلْأَكْثَرِ فَقَدْ نَصَّ ابْنُ رُشْدٍ عَلَى أَنَّ الْحُكْمَ فِيهِ حِينَئِذٍ كَالْحُكْمِ فِيمَا إذَا كَانَا مُدِيرَيْنِ أَيْ فَالْجَمِيعُ لِلْإِدَارَةِ عَلَى مَا قَدَّمَهُ

ــ

[حاشية العدوي]

عَلَى مَنْ دَفَعَهُ لَهُ، وَلَوْ كَانَ بَاقِيًا بِيَدِهِ لِأَنَّهُ مُفَرِّطٌ شَرْحُ شب وَمِنْ ذَلِكَ مَا إذَا تَلِفَ. (قَوْلُهُ: فَلَا ضَمَانَ) أَيْ لَا يَضْمَنُ زَكَاةَ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: فَيُؤْخَذُ بِالزَّكَاةِ) أَيْ السُّلْطَانُ يَأْخُذُهُ بِالزَّكَاةِ. (قَوْلُهُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهَا سَنَةَ الْمُفَاصَلَةِ) أَيْ انْفِصَالِ أَحَدِهِمَا مِنْ الْآخَرِ. (قَوْلُهُ فَيُزَكِّي ذَلِكَ) أَيْ عَنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَلَا زَكَاةَ فِيهِ بِالنِّسْبَةِ. . . إلَخْ) فَإِذَا زَكَّى عَنْ الْمَالِ بَعْدَ إخْرَاجِ سَنَةِ الْفَصْلِ فَإِنَّهُ يُزَكِّي عَنْ الْعَامِ الَّذِي قَبْلَهُ عَنْ مِائَتَيْنِ إلَّا سِتَّةَ دَنَانِيرَ وَرُبُعَ دِينَارٍ أَيْ وَعَنْ الْعَامِ الْأَوَّلِ عَنْ مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ إلَّا اثْنَيْ عَشَرَ دِينَارًا وَنِصْفَ دِينَارٍ كَمَا يُفِيدُهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ أَيْ تَقْرِيبًا وَإِلَّا فَاللَّازِمُ لَهُ اثْنَا عَشَرَ دِينَارًا وَرُبُعٌ وَثُلُثُ رُبُعٍ وَشَيْءٌ يَسِيرٌ كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ (قَوْلُهُ: أَوْ يُزَكِّي) أَيْ مِنْ الْآنِ حَتَّى يَحْصُلَ النَّقْصُ كَمَا هُوَ قِيَاسُ مَسْأَلَةِ التَّوْضِيحِ، بَلْ مُقْتَضَى الْقِيَاسِ عَدَمُ التَّنْظِيرِ بَلْ الْجَزْمُ بِأَخْذِ سَنَةِ الِانْفِصَالِ ثُمَّ يُنْظَرُ لِمَا قَبْلَهُ حَتَّى يَنْقُصَ النِّصَابُ.

(قَوْلُهُ: أَوْ لِسَنَةِ الِانْفِصَالِ خَاصَّةً) أَقُولُ مُقْتَضَى كَلَامِ التَّوْضِيحِ سَنَةُ الِانْفِصَالِ خَاصَّةً.

(تَنْبِيهٌ) : قَدْ عَلِمْت أَنَّهُ يُبْدَأُ بِزَكَاةِ سَنَةِ الِانْفِصَالِ ثُمَّ مَا قَبْلَهَا وَتَقَدَّمَ فِي الْمَاشِيَةِ أَنَّهُ يَبْدَأُ بِالْعَامِ الْأَوَّلِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ هُنَا مَعْذُورٌ وَهُنَاكَ ظَالِمٌ وَالظَّالِمُ أَحَقُّ بِالْحَمْلِ عَلَيْهِ

(قَوْلُهُ: وَفِي مِثَالِ الشَّارِحِ نَظَرٌ) لِأَنَّهُ مَثَّلَهُ بِقَوْلِهِ: قَالَ ابْنُ سَحْنُونَ عَنْ أَبِيهِ، وَإِنْ أَقَامَ الْمَالُ بِيَدِهِ ثَلَاثَ سِنِينَ فَكَانَ فِي أَوَّلِ سَنَةٍ مِائَةَ دِينَارٍ وَفِي الثَّانِيَةِ مِائَتَيْنِ وَفِي الثَّالِثَةِ مِائَةً لَمْ يُزَكِّ إلَّا عَنْ مِائَةٍ لِكُلِّ سَنَةٍ إلَّا مَا نَقَصَتْ الزَّكَاةُ وَلَا يَضْمَنُ مَا هَلَكَ مِنْ الرِّبْحِ وَقَالَ عج كَمَا إذَا غَابَ ثَلَاثَ سِنِينَ وَكَانَ فِي الْأُولَى ثَلَاثِينَ وَفِي الثَّانِيَةِ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ وَفِي الثَّالِثَةِ أَرْبَعِينَ فَإِنَّهُ يُزَكِّي عَنْ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ فِي سَنَتَيْنِ وَفِي الثَّالِثَةِ عَنْ أَرْبَعِينَ إلَّا مَا نَقَصَهُ جُزْءُ الزَّكَاةِ وَحِينَئِذٍ فَالْأَحْسَنُ حَمْلُ قَوْلِهِ: وَأَزْيَدَ وَأَنْقَصَ إلَخْ عَلَى مَا يَشْمَلُ مَا إذَا كَانَ أَزْيَدَ وَأَنْقَصَ عَنْ سَنَةِ الِانْفِصَالِ وَعَلَى مَا إذَا كَانَ قَبْلَ سَنَةِ الِانْفِصَالِ فِيهِ أَزْيَدَ وَأَنْقَصَ، وَهُوَ مُتَأَخِّرٌ عَنْ الْأَزْيَدِ وَسَنَةُ الِانْفِصَالِ زَائِدَةٌ عَلَى الْجَمِيعِ فَإِنْ قُلْت هَذَا يُخَالِفُ قَوْلَهُ: وَإِنْ نَقَصَ فَلِكُلِّ مَا فِيهَا قُلْت يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا كَانَ قَبْلَ سَنَةِ الِانْفِصَالِ مُسْتَوِيًا فِي السَّنَتَيْنِ فَأَكْثَرَ أَوْ مُخْتَلِفًا وَلَيْسَ النَّاقِصُ مُتَأَخِّرًا عَنْ الزَّائِدِ.

(تَنْبِيهٌ) : اسْتَظْهَرَ الشَّيْخُ سَالِمٌ أَنَّهُ يُعْمَلُ عَلَى قَوْلِ الْعَامِلِ كَانَ الْمَالُ كَذَا فِي سَنَةٍ وَهَكَذَا إذْ لَا سَبِيلَ لِذَلِكَ إلَّا كَذَلِكَ

. (قَوْلُهُ فَإِنَّ رَبَّهُ لَا يُزَكِّيهِ إلَّا لِسَنَةٍ وَاحِدَةٍ) أَيْ مَا بِيَدِ الْعَامِلِ أَيْ فَأَفَادَ بِقَوْلِهِ فَكَالدَّيْنِ فَائِدَتَيْنِ إحْدَاهُمَا أَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>