للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَيْ وَفِي صِحَّةِ ذَبْحِ كِتَابِيٍّ لِمُسْلِمٍ بِأَمْرِهِ وَعَدَمِهَا قَوْلَانِ لِمَالِكٍ وَيَنْبَنِي عَلَى ذَلِكَ الْأَكْلُ وَعَدَمُهُ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ لِمُسْلِمٍ إنْ ذَبَحَهُ لِكَافِرٍ لَا يَكُونُ حُكْمُهُ كَذَلِكَ وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ إنْ ذَبَحَ مَا لَا يَحِلُّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا فَيُتَّفَقُ عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ ذَبْحِهِ وَإِنْ ذَبَحَ مَا يَحِلُّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا فَيُتَّفَقُ عَلَى صِحَّةِ ذَبْحِهِ وَمِثْلُ الذَّبْحِ النَّحْرُ ثُمَّ إنَّ الْقَوْلَيْنِ جَارِيَانِ فِي الضَّحِيَّةِ أَيْضًا وَلَا يُقَالُ سَيَأْتِي اشْتِرَاطُ الْإِسْلَامِ فَيُقَيَّدُ كَلَامُهُ هُنَا بِغَيْرِ الضَّحِيَّةِ لِأَنَّا نَقُولُ اشْتِرَاطُهُ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِكَوْنِهَا ضَحِيَّةً فَقَطْ وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِحِلِّ الْأَكْلِ وَعَدَمِهِ فَفِيهِ الْقَوْلَانِ

وَلَمَّا أَنْهَى الْمُؤَلِّفُ الْكَلَامَ عَلَى النَّوْعَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ مِنْ أَنْوَاعِ الذَّكَاةِ الثَّلَاثَةِ لِتَعَلُّقِهِمَا بِالْإِنْسِيِّ غَالِبًا الْمَأْنُوسِ إلَيْهِ دُونَ الْوَحْشِيِّ مُقَدَّمًا عَلَى النَّوْعِ الثَّالِثِ وَهُوَ الصَّيْدُ الْمُتَعَلِّقُ بِهِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَيْهِ وَلَمْ يُعَرِّفْهُ ابْنُ الْحَاجِبِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لِجَلَائِهِ ابْنُ عَرَفَةَ يُرَدُّ بِأَنَّ الْجَلَاءَ الْمُغْنِي عَنْ التَّعْرِيفِ الضَّرُورِيِّ لَا النَّظَرِيِّ فَإِنْ أَرَادَهُ لَمْ يُفِدْهُ وَالْأَوَّلُ مَمْنُوعٌ فَالصَّيْدُ مَصْدَرًا أَخْذُ مُبَاحٍ أَكْلُهُ غَيْرُ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ مِنْ وَحْشِ طَيْرٍ أَوْ بَرٍّ أَوْ حَيَوَانِ بَحْرٍ بِقَصْدٍ فَلَا يُتَوَهَّمُ إضَافَةُ أَخَذَ لِفَاعِلِهِ وَاسِمًا مَا أَخَذَ إلَخْ وَهُوَ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ جَائِزٌ إجْمَاعًا وَقَوْلُهُ بِقَصْدِ أَيْ بِنِيَّةِ الِاصْطِيَادِ وَهُوَ رَاجِعٌ لِمَا قَبْلُ أَوْ حَيَوَانِ بَحْرٍ لِأَنَّ الْحَيَوَانَ الْبَحْرِيِّ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْقَصْدُ وَإِنَّمَا أَخَّرَهُ خَشْيَةَ إخْلَالِ النِّظَامِ وَإِنَّمَا قَصَدَهُ بِذِكْرِ الْبَحْرِيِّ أَنَّهُ صَيْدٌ لَا أَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى عَقْرٍ ثُمَّ لَا بُدَّ فِي الْعَقْرِ الَّذِي هُوَ الْجُرْحُ مِنْ أَرْكَانٍ ثَلَاثَةٍ صَائِدٌ وَمَصِيدٌ وَمَصِيدٌ بِهِ فَأَشَارَ إلَى الْأَخِيرِ بِقَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي بِسِلَاحٍ مُحَدَّدٍ إلَخْ وَإِلَى مَا قَبْلَهُ بِقَوْلِهِ وَحْشِيًّا إلَخْ وَإِلَى الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ هُنَا (وَجُرْحِ مُسْلِمٍ مُمَيِّزٍ) .

اعْلَمْ أَنَّ الْجُرْحَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ أَكْلِ الصَّيْدِ وَلَوْ كَانَ الْجُرْحُ فِي أَيِّ مَكَان مِنْ جَسَدِ الصَّيْدِ وَانْظُرْ هَلْ

ــ

[حاشية العدوي]

خَاصَّةً أَشَارَ لَهُ الْحَطَّابُ عِنْدَ قَوْلِهِ وَجُرْحُ مُسْلِمٍ فَقَالَ وَانْظُرْ حِينَئِذٍ الْخُنْثَى وَالْخَصِيَّ وَالْفَاسِقَ وَمَنْ يُكْرَهُ ذَكَاتُهُ هَلْ يُكْرَهُ صَيْدُهُ وَهُوَ الظَّاهِرُ انْتَهَى قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ لَكِنَّ ظَاهِرَ إطْلَاقِ كَلَامِهِمْ هُنَا عَدَمُ كَرَاهَةِ صَيْدِهِمْ.

(قَوْلُهُ أَيْ وَفِي صِحَّةِ ذَبْحِ) أَيْ مَعَ الْكَرَاهَةِ هَذَا تَقْرِيرُ تت فِي ك وَالْأَحْسَنُ مَا فِي صَغِيرِهِ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُوَافِقُ لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي تَوْضِيحِهِ وَنَصُّهُ فِي صَغِيرِهِ وَفِي حِلِّ ذَبْحِ كِتَابِيٍّ لِمُسْلِمٍ فَيَجُوزُ أَكْلُهَا وَعَدَمُ حِلِّهِ فَيَمْنَعُ قَوْلَانِ لِمَالِكٍ قَالَ عج وَظَاهِرُهُ جَرَيَانُهُمَا فِيمَا ثَبَتَ تَحْرِيمُهُ بِشَرْعِنَا عَلَى الذَّابِحِ كَذِي الظُّفُرِ وَعَلَى هَذَا شَيْخُنَا فَإِنَّهُ قَالَ وَالْقَوْلَانِ جَارِيَانِ حَتَّى لَوْ كَانَ مَا اُسْتُنِيبَ عَلَى تَذْكِيَتِهِ حَرَامًا عَلَيْهِ بِشَرْعِنَا اُنْظُرْ ابْنَ عَرَفَةَ وَكَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ يُفِيدُ أَنَّ الرَّاجِحَ مِنْ الْقَوْلَيْنِ الْحُرْمَةُ كَمَا ذَكَرَهُ شب (قَوْلُهُ بِأَمْرِهِ) مُفَادُهُ أَنَّهُ لَوْ ذَبَحَ بِغَيْرِ أَمْرِهِ لَا تُؤْكَلُ قَطْعًا نَصَّ الْمَوَّاقُ وَابْنُ الْمَوَّازِ لَا يَنْبَغِي لِمُسْلِمٍ أَنْ يُمَكِّنَ ذَبِيحَتَهُ مِنْ كِتَابِيٍّ وَإِنْ كَانَ شَرِيكُهُ فِيهَا فَإِنْ فَعَلَ أُكِلَتْ انْتَهَى وَكَتَبَ بَعْضُ شُيُوخِنَا مَا نَصُّهُ مُقْتَضَى التَّقْيِيدِ أَنَّهُ لَوْ ذَبَحَ مِلْكَ الْمُسْلِمِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ لَا تَصِحُّ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْبَحْ مِلْكَهُ وَذَبِيحَةُ الْكِتَابِيِّ لَا تُؤْكَلُ إلَّا بِشَرْطِ ذَبْحِ مِلْكِهِ وَفِي ذَبْحِ مِلْكِ الْمُسْلِمِ قَوْلَانِ لَكِنْ بِأَمْرِهِ فَيَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ ذَبَحَ مِلْكَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ لَا تُؤْكَلُ لِعَدَمِ صِحَّةِ ذَكَاتِهِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا تُؤْكَلُ لِأَنَّهَا بِالْقُدُومِ عَلَى ذَبْحِهَا الْمُوجِبِ لِغُرْمِهِ تَصِيرُ كَالْمَمْلُوكَةِ لَهُ

(قَوْلُهُ لِتَعَلُّقِهِمَا) عِلَّةٌ لِأَنْهَى إلَخْ بِاعْتِبَارِ مَا تَضَمَّنَهُ مِنْ تَقَدُّمِهِمَا عَلَى النَّوْعِ الثَّالِثِ (قَوْلُهُ الْمَأْنُوسِ إلَيْهِ) صِفَةٌ مُؤَكِّدَةٌ (قَوْلُهُ دُونَ الْوَحْشِيِّ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ بِالْإِنْسِيِّ (قَوْلُهُ مُقَدَّمًا) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ بِالْمِيمِ أَيْ مُقَدَّمًا كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى النَّوْعِ الثَّالِثِ (قَوْلُهُ وَهُوَ الصَّيْدُ) أَيْ الْعَقْرُ (قَوْلُهُ بِهِ) أَيْ بِالْوَحْشِيِّ (قَوْلُهُ شَرَعَ) جَوَابٌ لِمَا (قَوْلُهُ لِضَرُورِيِّ) خَبَرٌ حَاصِلُهُ أَنَّ الْجَلَاءَ قِسْمَانِ جَلَاءٌ ضَرُورِيٌّ أَيْ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى نَظَرٍ وَلَا اسْتِدْلَالٍ وَجَلَاءٌ نَظَرِيٌّ يَتَوَقَّفُ فَالْأَوَّلُ كَالْجَلَاءِ فِي الْوَاحِدِ نِصْفُ الِاثْنَيْنِ وَالثَّانِي كَالْجَلَاءِ فِي قَوْلِك الْعَالَمُ حَادِثٌ فَإِنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى الدَّلِيلِ الَّذِي هُوَ قَوْلُك الْعَالَمُ مُتَغَيِّرٌ وَكُلُّ مُتَغَيِّرٍ حَادِثٌ فَقَوْلُهُ ضَرُورِيٌّ أَيْ حَاصِلٌ بِسَبَبِ الضَّرُورَةِ وَقَوْلُهُ النَّظَرِيُّ أَيْ الْحَاصِلُ بِالنَّظَرِ وَهُوَ تَرْتِيبُ أُمُورٍ مَعْلُومَةٍ لِلتَّأَدِّي إلَى مَجْهُولٍ (قَوْلُهُ فَإِنْ أَرَادَهُ) أَيْ فَإِنْ أَرَادَ الْجَلَاءَ النَّظَرِيَّ لَمْ يُفِدْهُ أَيْ لِأَنَّهُ لَا يُنَافِي التَّعْرِيفَ وَقَوْلُهُ وَالْأَوَّلُ مَمْنُوعٌ أَيْ الْجَلَاءُ الضَّرُورِيُّ فَإِنْ قُلْت لِمَ لَمْ يَقُلْ ابْنُ عَرَفَةَ مِنْ وَحْشٍ أَوْ حَيَوَانِ بَحْرٍ بِقَصْدٍ وَهُوَ أَخْصَرُ وَالْوَحْشُ يَعُمُّ مَا ذَكَرَ قُلْت لِأَنَّ الْوَحْشِيَّ غَلَبَ فِي وَحْشِ الْبَرِّ فَلِذَلِكَ ذَكَرَ الطَّيْرَ لِئَلَّا يَكُونَ رَسْمُهُ غَيْرَ مُنْعَكِسٍ.

وَلَوْ قَالَ مَعْجُوزٌ عَنْهُ كَمَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ لَكَانَ أَخْصَرَ كَذَا أَفَادَهُ شَارِحُ الْحُدُودِ بَقِيَ أَنَّ قَوْلَهُ وَحْشِ طَيْرٍ إضَافَتُهُ لِمَا بَعْدَهُ بَيَانِيَّةٌ وَأَمَّا إضَافَةُ وَحْشٍ إلَى بَرٍّ فَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الْحَالِ إلَى الْمَحَلِّ (قَوْلُهُ فَلَا يُتَوَهَّمُ) لَا ظُهُورَ لِهَذَا التَّفْرِيعِ وَقَوْلُهُ وَاسْمًا مَا أَخَذَ إلَخْ أَيْ بِحَيْثُ يَقُولُ مَا أُخِذَ مِنْ مُبَاحِ أَكْلِهِ غَيْرُ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ مِنْ وَحْشِ طَيْرٍ إلَخْ (قَوْلُهُ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ جَائِزٌ إجْمَاعًا) أَيْ وَتَعْتَرِيهِ الْأَحْكَامُ الْخَمْسَةُ: مُبَاحٌ وَهُوَ مَا كَانَ لِلْمَعَاشِ؛ اخْتِيَارُ الْأَكْلِ وَانْتِفَاعٌ بِثَمَنِهِ وَلَوْ فِي شَهْوَةٍ مُبَاحَةٍ أَوْ نَكَحَ مُنَعَّمَةً تَزَوُّجًا أَوْ شِرَاءً. وَمَنْدُوبٌ وَهُوَ مَا صِيدَ لِسَدِّ الْخُلَّةِ وَكَفِّ الْوَجْهِ أَوْ لِيُوَسِّعَ بِهِ عَلَى عِيَالِهِ فِي ضِيقٍ أَوْ يَصْرِفُهُ فِي مَنْدُوبٍ مِنْ صَدَقَةٍ. وَمَمْنُوعٌ إذَا كَانَ يُرِيدُ قَتْلَ الصَّيْدِ لَا ذَكَاتَهُ لِأَنَّهُ مِنْ الْفَسَادِ أَوْ كَانَ الِاشْتِغَالُ بِهِ يُؤَدِّي لِتَضْيِيعِ الصَّلَوَاتِ. وَوَاجِبٌ وَهُوَ مَا كَانَ لِإِحْيَاءِ نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ وَلَا يَجِدُ غَيْرَهُ. وَمَكْرُوهٌ لِلَّهْوِ وَصَيْدِ الْخُنْثَى وَالْخَصِيِّ وَالْفَاسِقِ.

(قَوْلُهُ خَشْيَةَ اخْتِلَالِ النِّظَامِ) أَيْ بَيْنَ الْمَعَاطِيفِ ثُمَّ إنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ النِّيَّةَ إنَّمَا هِيَ شَرْطٌ فِي الِاصْطِيَادِ لَا فِي أَخْذِ الصَّيْدِ. وَظَاهِرُ التَّعْرِيفِ أَنَّهُ شَرْطٌ فِي الْأَخْذِ فَلَعَلَّهُ تَسَمَّحَ فَأَرَادَ بِالْأَخْذِ الِاصْطِيَادَ أَلَا تَرَى إلَى تَنَبُّهِ الشَّارِحِ حَيْثُ قَالَ أَيْ بِنِيَّةِ الِاصْطِيَادِ إلَّا أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى كَلَامِ الشَّارِحِ تَرْكُ النُّكْتَةِ الْمَعْنَوِيَّةِ لِلنُّكْتَةِ اللَّفْظِيَّةِ مَعَ أَنَّ الْمَعْنَوِيَّةَ أَوْلَى (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ الْجُرْحُ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ فِي الْأُذُنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>