طَعَامٍ (ش) يَعْنِي وَهَكَذَا يَحْنَثُ إذَا حَلَفَ لَا آكُلُ مِنْ هَذِهِ الْحِنْطَةِ فَأَكَلَ مِمَّا أَنْبَتَتْهُ أَوْ مِمَّا اشْتَرَى مِنْ ثَمَنِهَا وَهَذَا إذَا نَوَى قَطْعَ الْمَنِّ كَقَوْلِ الْقَائِلِ لَهُ لَوْلَا أَنَا أُطْعِمُك مَا عِشْت وَلَوْلَا وَجَدْت مَا تَأْكُلُهُ لَضِعْت وَإِنْ كَانَ لِشَيْءٍ فِي الْحِنْطَةِ مِنْ رَدَاءَةٍ أَوْ سُوءِ صَنْعَةٍ فِي الطَّعَامِ لَمْ يَحْنَثْ بِأَكْلِ مَا ذُكِرَ حَيْثُ جُوِّدَ لَهُ وَقَوْلُهُ لَا لِرَدَاءَةِ مَعْطُوفٌ عَلَى مَعْنَى مَا مَرَّ أَيْ وَبِمَا أَنْبَتَتْ الْحِنْطَةُ أَنَّ الْحَلِفَ بِقَطْعِ الْمَنِّ لَا لِرَدَاءَةٍ فَإِنْ قُلْت لِمَ اقْتَصَرَ الْمُؤَلِّفُ عَلَى مَا إذَا أَنْبَتَتْ الْحِنْطَةُ مَعَ أَنَّ مَنْ نَوَى قَطْعَ الْمَنِّ لَا يَتَقَيَّدُ حِنْثُهُ بِمَا أَنْبَتَتْهُ بَلْ لَوْ بِيعَتْ وَاشْتَرَى مِنْ ثَمَنِهَا فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِذَلِكَ أَيْضًا كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ اقْتَصَرَ عَلَى ذَلِكَ مُرَاعَاةً لِلْمَخْرَجِ وَهُوَ قَوْلُهُ لَا لِرَدَاءَةٍ أَيْ فَلَا يَحْنَثُ بِمَا أَنْبَتَتْهُ وَأَحْرَى مَا اشْتَرَى بِثَمَنِهَا.
(ص) وَبِالْحَمَّامِ فِي الْبَيْتِ (ش) أَيْ إذَا حَلَفَ لَا أَدْخُلُ عَلَى فُلَانٍ بَيْتًا فَدَخَلَ عَلَيْهِ الْحَمَّامَ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ وَأَمَّا لَوْ حَلَفَ لَا أَدْخُلُ عَلَى فُلَانٍ بَيْتَهُ فَدَخَلَ الْحَمَّامَ الَّتِي لَا يَمْلِكُهَا فَلَا حِنْثَ وَلَيْسَتْ كَبَيْتِ جَارِهِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمُورَ الَّتِي مَبْنَاهَا الْعُرْفُ كَهَذِهِ وَمَا بَعْدَهَا لَا يَصِحُّ الْحُكْمُ فِيهَا بِالْحِنْثِ بِمِصْرَ الْآنَ إذْ لَا يُطْلَقُ الْبَيْتُ عَلَى الْحَمَّامِ فِي عُرْفِ أَهْلِ مِصْرَ.
(ص) أَوْ دَارِ جَارِهِ (ش) أَيْ إذَا حَلَفَ لَا أَدْخُلُ عَلَى فُلَانٍ بَيْتًا أَوْ بَيْتَهُ فَدَخَلَ عَلَيْهِ فِي دَارِ جَارِهِ أَيْ جَارِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْحَالِفَ يَحْنَثُ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ لِلْجَارِ عَلَى جَارِهِ مِنْ الْحُقُوقِ مَا لَيْسَ لِغَيْرِهِ أَشْبَهَ بَيْتَهُ أَوْ لِأَنَّ الْجَارَ لَا يَسْتَغْنِي عَنْ جَارِهِ غَالِبًا فَكَأَنَّهُ مَحْلُوفٌ عَلَيْهِ عُرْفًا وَيَصِحُّ عَوْدُ الضَّمِيرِ عَلَى الْحَالِفِ وَتَكُونُ دَارُ جَارِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ أَحْرَى لَكِنْ عَلَى عَوْدِ الضَّمِيرِ عَلَى الْحَالِفِ تَخْتَصُّ الْمَسْأَلَةُ بِمَا إذَا حَلَفَ لَا أَدْخُلُ عَلَى فُلَانٍ بَيْتًا بِالتَّنْوِينِ لَا بَيْتَهُ بِالْإِضَافَةِ فَلَا يَحْنَثُ.
(ص) أَوْ بَيْتِ شَعْرٍ (ش) أَيْ إذَا حَلَفَ لَا أَدْخُلُ عَلَى فُلَانٍ بَيْتَهُ أَوْ بَيْتًا فَدَخَلَ عَلَيْهِ بَيْتَ شَعْرٍ أَوْ حَلَفَ لَا أَدْخُلُ بَيْتًا أَوْ لَا أَسْكُنُ بَيْتًا فَدَخَلَ بَيْتَ شَعْرِهِ أَوْ سَكَنَ بَيْتَ شَعْرِهِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ {بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا} [النحل: ٨٠] الْآيَةَ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِيَمِينِهِ مَعْنًى يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَيْهِ مِثْلَ أَنْ يَسْمَعَ بِقَوْمٍ انْهَدَمَ عَلَيْهِمْ الْمَسْكَنُ فَحَلَفَ عِنْدَ ذَلِكَ فَلَا يَحْنَثُ بِسُكْنَى بَيْتِ الشَّعْرِ.
(ص) كَحَبْسٍ أُكْرِهَ عَلَيْهِ بِحَقٍّ (ش) أَيْ أَنَّ مَنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ عَلَى فُلَانٍ بَيْتًا فَيَحْنَثُ بِدُخُولِهِ عَلَى الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ الْحَبْسَ وَسَوَاءٌ كَانَ دُخُولُهُ عَلَيْهِ طَوْعًا أَوْ كَرْهًا بِحَقٍّ لِأَنَّ صِيغَةَ الْبِرِّ لَا يَنْفَعُ فِيهَا الْإِكْرَاهُ الشَّرْعِيُّ لِأَنَّهُ كَالطَّوْعِ فَنَبَّهَ بِقَوْلِهِ أُكْرِهَ عَلَيْهِ عَلَى أَنَّهُ إذَا دَخَلَ طَوْعًا يَحْنَثُ مِنْ بَابِ أَوْلَى وَأَمَّا إنْ سُجِنَ الْحَالِفُ فَلَا يَحْنَثُ بِدُخُولِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَإِنْ طَاعَ الْحَالِفُ بِدُخُولِ السِّجْنِ حَنِثَ بِدُخُولِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ إذَا نَوَى الْمُجَامَعَةَ.
(ص) لَا بِمَسْجِدٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا حَلَفَ أَنْ لَا يَجْتَمِعَ مَعَ آخَرَ تَحْتَ سَقْفٍ فَصَلَّى مَعَهُ فِي الْمَسْجِدِ تَحْتَ سَقْفِهِ فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ كَالْحَلِفِ عَلَى الدُّخُولِ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ مَطْلُوبًا بِدُخُولِهِ شَرْعًا صَارَ كَأَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ لِلْحَالِفِ.
(ص) وَبِدُخُولِهِ عَلَيْهِ مَيِّتًا فِي بَيْتٍ يَمْلِكُهُ (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ يَحْنَثُ إذَا حَلَفَ لَا أَدْخُلُ عَلَى فُلَانٍ بَيْتًا يَمْلِكُهُ فَدَخَلَ عَلَيْهِ مَيِّتًا قَبْلَ أَنْ يُدْفَنَ لِأَنَّ لَهُ حَقًّا مِنْ تَجْهِيزٍ يَجْرِي مَجْرَى الْمِلْكِ وَكَذَا لَوْ قَالَ لَا أَدْخُلُ عَلَيْهِ مَا عَاشَ أَوْ حَيَاتَهُ أَوْ حَتَّى يَمُوتَ عَلَى مَا فِي الرِّوَايَةِ ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ الصَّوَابُ لِأَنَّ النَّاسَ لَا يَقْصِدُونَ بِذَلِكَ التَّقْيِيدَ إنَّمَا يَقْصِدُونَ التَّأْبِيدَ كَقَوْلِ الرَّجُلِ لَا أَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ أَوْ لَا آكُلُ
ــ
[حاشية العدوي]
قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ بِشَيْءٍ لَا حِنْثَ عَلَيْهِ وَمُقْتَضَى قَوْلِهِ لَا لِرَدَاءَةِ إلَخْ أَنَّهُ يَحْنَثُ وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ مَفْهُومُ الْأَوَّلِ شب (قَوْلُهُ لَمْ يَحْنَثْ إلَخْ) عَدَمُ الْحِنْثِ عَمَّا أَنْبَتَتْ فِيمَا إذَا نَوَى الرَّدَاءَةَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْأَرْضَ مُغَيِّرَةٌ لَا مُنَمِّيَةٌ وَإِلَّا كَانَ يَحْنَثُ لِأَنَّ النَّابِتَ عَيْنُ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ أَفَادَهُ فِي ك (قَوْلُهُ حَيْثُ جُوِّدَ لَهُ) كَمَا لَوْ صُنِعَ لَهُ طَعَامٌ وَلَمْ يَنْتَهِ طَيْبُهُ فَحَلَفَ عَلَى عَدَمِ الْأَكْلِ ثُمَّ جُوِّدَ لَهُ فَيَجُوزُ لَهُ أَكْلُهُ بَعْدُ أَوْ وَجَدَ رَائِحَتَهُ كَرِيهَةً فَطُيِّبَتْ لَهُ رَائِحَتُهُ فَيَجُوزُ لَهُ أَكْلُهُ فَهَذَا مِنْ بِسَاطِ الْيَمِينِ (قَوْلُهُ فَالْجَوَابُ) حَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ إنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّ الْمُخْرَجَ مُنَاسِبٌ لِلْمُخْرَجِ مِنْهُ وَالْمُخْرَجُ رَدَاءَةُ الطَّعَامِ فَالْمُنَاسِبُ لَهُ أَنْ يَكُونَ الْمُخْرَجُ مِنْهُ الطَّعَامُ، وَجَوَابٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ مَا أَنْبَتَتْ الْحِنْطَةُ كَأَنَّهُ زَرْعٌ آخَرُ غَيْرُ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَنَصَّ عَلَيْهِ دَفْعًا لِهَذَا التَّوَهُّمِ وَأَمَّا مَا أُخِذَ بِثَمَنِهَا فَلَا يُتَوَهَّمُ فِي هَذَا لِأَنَّ دَرَجَةَ الْمُعَاوَضَةِ رُبَّمَا كَانَتْ فِي لَحْظَةٍ لَا بُطْءَ فِيهَا فَإِنْ قُلْت عِنْدَ الرَّدَاءَةِ لِمَ لَا يَحْنَثُ حَيْثُ أَتَى بِمِنْ وَاسْمِ الْإِشَارَةِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي مَسْأَلَةِ الْفَرْعِ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْفَرْعَ هُنَاكَ بَعْضُ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا هُنَا فَأَلْغَى الْأَصْلَ بِالْكُلِّيَّةِ إذْ الْأَصْلُ يَذْهَبُ فِي الْأَرْضِ، وَمِنْ هَذَا يُعْلَمُ أَنَّ الْحِنْثَ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمَحْلُوفُ لِرَدَاءَتِهِ أَمْ لَا وَهُوَ ظَاهِرٌ ك
(قَوْلُهُ وَبِالْحَمَّامِ) مِثْلُهُ الْقَهْوَةُ وَالْمَعْصَرَةُ وَالطَّاحُونُ (قَوْلُهُ أَيْ إذَا حَلَفَ لَا أَدْخُلُ عَلَى فُلَانٍ بَيْتًا) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقْصُرَ الْمَتْنُ عَلَى بَيْتِهِ لِأَجْلِ تَخْصِيصِ الْحِنْثِ بِبَيْتِ جَارِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ مَعْنًى يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَيْهِ) أَيْ بِذَلِكَ الْمَعْنَى عَلَيْهِ أَيْ عَلَى مَقْصُودِهِ وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ ذِكْرٌ لِفَهْمِهِ مِنْ الْمَعْنَى
(قَوْلُهُ وَإِنْ طَاعَ الْحَالِفُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُطِعْ فَلَا حِنْثَ وَلَوْ نَوَى الْمُجَامَعَةَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَتَى نَوَى الْمُجَامَعَةَ حَنِثَ بِدُخُولِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ حُبِسَ طَوْعًا أَوْ كُرْهًا (قَوْلُهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ) أَيْ سَوَاءٌ دَخَلَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ طَائِعًا أَوْ مُكْرَهًا.
(قَوْلُهُ لَا بِمَسْجِدٍ) فَإِنْ قَالَ لَا دَخَلْت دَارَ فُلَانٍ أَوْ دَارَ فُلَانٍ هَذِهِ ثُمَّ جُعِلَتْ مَسْجِدًا لَمْ يَحْنَثْ (قَوْلُهُ كَالْحَلِفِ عَلَى الدُّخُولِ) الْأَوْلَى أَنْ يَجْعَلَ هَذِهِ مَسْأَلَةَ الْمُصَنِّفِ وَقَوْلُهُ إذَا حَلَفَ أَنْ لَا يَجْتَمِعَ إلَخْ يَجْعَلُهَا نَظِيرَةً لِمَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ.
(قَوْلُهُ يَمْلِكُهُ) لَا فَرْقَ بَيْنَ مِلْكِ الذَّاتِ وَالْمَنَافِعِ بِإِجَارَةٍ أَوْ بِعُمْرَى مُدَّةَ حَيَاتِهِ أَوْ نَحْوِهِمَا ك (قَوْلُهُ لِأَنَّ لَهُ حَقًّا إلَخْ) أَيْ إلَّا لِنِيَّةِ الْحَيَاةِ الْحَقِيقِيَّةِ فَإِنْ دُفِنَ بِهِ لَمْ يَحْنَثْ بِدُخُولِهِ بَعْدَ دَفْنِهِ وَمَثَّلَ الْمُصَنِّفِ حَلِفَهُ لَا دَخَلَ