للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غَيْرِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَتَبَيَّنَ خِلَافُهُ وَأَمَّا عَكْسُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَهُوَ لَوْ كَلَّمَ رَجُلًا يَظُنُّهُ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ فَإِذَا هُوَ غَيْرُهُ لَمْ يَحْنَثْ وَلَوْ قَصَدَهُ كَمَا فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ وَشَامِلِهِ وَلَا يُقَالُ هَذَا فِيهِ الْعَزْمُ عَلَى الضِّدِّ وَهُوَ يُوجِبُ الْحِنْثَ لِأَنَّا نَقُولُ الْعَزْمُ عَلَى الضِّدِّ إنَّمَا يُوجِبُ الْحِنْثَ فِي صِيغَةِ الْحِنْثِ فَقَطْ.

(ص) أَوْ فِي جَمَاعَةٍ إلَّا أَنْ يُحَاشِيَهُ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ بِسَلَامِهِ عَلَيْهِ حَالَةَ كَوْنِهِ وَحْدَهُ أَوْ فِي جَمَاعَةٍ إلَّا أَنْ يُحَاشِيَهُ بِالنِّيَّةِ أَوْ بِاللَّفْظِ فَلَا حِنْثَ وَيَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى مُعْتَقِدًا وَالْمُرَادُ بِالْمُحَاشَاةِ هُنَا اللُّغَوِيَّةُ وَهِيَ أَنْ يَنْوِيَ السَّلَامَ عَلَى مَنْ عَدَاهُ لَا الْمُحَاشَاةُ الِاصْطِلَاحِيَّةُ فَإِنَّهَا لَا تُشْتَرَطُ فَيَكْفِي أَنْ يَقْصِدَ بِالسَّلَامِ غَيْرَهُ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَعْزِلَهُ أَوَّلًا أَيْ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يُخْرِجَهُ بِالنِّيَّةِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ سَوَاءٌ رَأَى الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ مَعَ الْجَمَاعَةِ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ عَرَفَ الْجَمَاعَةَ أَمْ لَا وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ.

وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ لَوْ سَلَّمَ عَلَى جَمَاعَةٍ وَلَمْ يَرَ فِيهِمْ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّهُ إنَّمَا سَلَّمَ عَلَى مَنْ عَرَفَ (ص) وَبِفَتْحٍ عَلَيْهِ (ش) يَعْنِي لَوْ حَلَفَ لَا كَلَّمَهُ فَسَمِعَهُ يَقْرَأُ وَوَقَفَ فِي قِرَاءَتِهِ وَاسْتَدَّتْ عَلَيْهِ طُرُقُ الْقِرَاءَةِ فَفَتَحَ عَلَيْهِ بِأَنْ أَرْشَدَهُ وَلَقَّنَهُ مَا غَلِطَ فِيهِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ ظَاهِرُهُ وَلَوْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْفَتْحُ كَمَا إذَا كَانَ فِي الْفَاتِحَةِ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ قُلْ أَوْ اقْرَأْ كَذَا بِخِلَافِ سَلَامِ الصَّلَاةِ.

(ص) وَبِلَا عِلْمِ إذْنِهِ فِي لَا تَخْرُجِي إلَّا بِإِذْنِي (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ حَلَفَ عَلَى زَوْجَتِهِ بِالطَّلَاقِ أَوْ بِغَيْرِهِ أَنَّهَا لَا تَخْرُجُ إلَّا بِإِذْنِهِ فَأَذِنَ لَهَا فَخَرَجَتْ بَعْدَ إذْنِهِ وَقَبْلَ عِلْمِهَا بِالْإِذْنِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ لِأَنَّ قَصْدَهُ لَا تَخْرُجِي إلَّا بِسَبَبِ إذْنِي وَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهَا أَنَّهَا خَرَجَتْ بِغَيْرِ سَبَبِ إذْنِهِ.

(ص) وَبِعَدَمِ عِلْمِهِ فِي لَأُعْلِمَنَّهُ وَإِنْ بِرَسُولٍ (ش) يَعْنِي لَوْ حَلَفَ أَنَّهُ إنْ عَلِمَ بِالشَّيْءِ الْفُلَانِيِّ لَيُعْلِمَنَّ بِهِ زَيْدًا فَعَلِمَ بِهِ وَلَمْ يُعْلِمْ زَيْدًا بِهِ حَتَّى عَلِمَهُ مِنْ غَيْرِ الْحَالِفِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ أَيْ لَا يَبِرُّ حَتَّى يُعْلِمَهُ وَإِنْ بِرَسُولٍ أَوْ كِتَابٍ فَقَوْلُهُ وَإِنْ بِرَسُولٍ مُبَالَغَةٌ فِي الْمَفْهُومِ وَهُوَ الْإِعْلَامُ الْمُتَضَمِّنُ لِبِرِّ الْحَالِفِ أَيْ فَإِذَا أَعْلَمَهُ بِذَلِكَ الْأَمْرِ فَإِنَّ الْحَالِفَ يَبِرُّ، وَلَوْ كَانَ الْإِعْلَامُ بِرَسُولٍ يُرْسِلُهُ لِلْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ يُعْلِمُهُ بِذَلِكَ الْأَمْرِ وَأَحْرَى بِكِتَابٍ وَإِنَّمَا بَالَغَ عَلَى الرَّسُولِ لِأَنَّهُ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ وَيَصِحُّ كَوْنُ الْمُبَالَغَةِ فِي الْمَنْطُوقِ أَيْ وَحَنِثَ بِانْتِفَاءِ الْإِعْلَامِ وَإِنْ كَانَ انْتِفَاؤُهُ مِنْ رَسُولٍ لَكِنَّ كَوْنَهَا فِي الْمَفْهُومِ أَتَمَّ فَائِدَةً وَعِلْمُهُ اسْمُ مَصْدَرٍ مُرَادًا بِهِ الْمَصْدَرُ أَيْ إعْلَامُهُ ثُمَّ اخْتَلَفَ هَلْ لَا يَبِرُّ الْحَالِف إلَّا بِإِعْلَامِهِ بِمَا وَقَعَ الْحَلِفُ عَلَيْهِ، وَلَوْ عَلِمَ الْحَالِفُ أَنَّ الْمَحْلُوفَ لَهُ وَصَلَ لَهُ الْعِلْم بِهِ مِنْ غَيْرِهِ وَهُوَ رَأْيُ أَبِي عِمْرَانَ وَغَيْرِهِ أَخْذًا بِظَاهِرِ اللَّفْظِ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ إعْلَامِهِ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ الْحَالِفُ أَنَّ الْمَحْلُوفَ لَهُ عَلِمَ بِالْخَبَرِ فَلَا يُطْلَبُ مِنْهُ إعْلَامٌ حِينَئِذٍ وَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ وَهُوَ تَقْيِيدٌ عَنْ اللَّخْمِيِّ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَهَلْ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ عَلِمَ تَأْوِيلَانِ) وَمَبْنَاهُمَا يَنْزِلُ عِلْمُهُ بِإِعْلَامِ غَيْرِهِ بِمَنْزِلَةِ إعْلَامِهِ أَمْ لَا (ص) أَوْ عَلِمَ وَالٍ ثَانٍ فِي حَلِفِهِ لِأَوَّلِ فِي نَظَر (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى عِلْمِهِ يَعْنِي أَنَّ مَنْ حَلَفَ طَوْعًا لِوَالٍ أَيْ لِمُتَوَلٍّ شَيْئًا مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّهُ إنْ رَأَى الشَّيْءَ الْفُلَانِيَّ الَّذِي فِيهِ نَظَرُ الْمُسْلِمِينَ وَمَصْلَحَةٌ لَهُمْ لَيُخْبِرَنَّهُ بِهِ فَمَاتَ الْمَحْلُوفُ لَهُ أَوْ عُزِلَ وَتَوَلَّى غَيْرُهُ ثُمَّ إنَّ الْحَالِفَ رَأَى ذَلِكَ الْأَمْرَ فَعَلَيْهِ أَنْ يُخْبِرَ بِهِ الْوَالِيَ الثَّانِيَ فَإِنْ لَمْ يُخْبِرْهُ بِهِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ أَيْ لَا يَبِرُّ، وَأَمَّا إعْلَامُ الْأَوَّلِ وَالْحَالُ مَا ذُكِرَ فَلَا يُعْتَبَرُ وَمَفْهُومُ فِي نَظَرٍ أَنَّهُ لَوْ كَانَ ذَلِكَ مِمَّا يَخُصُّ الْمَعْزُولَ فِي نَفْسِهِ فَإِنْ رَآهُ بَعْدَ عَزْلِهِ فَلْيُعْلِمْهُ بِهِ وَإِلَّا حَنِثَ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ حَتَّى مَاتَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ رَفْعُ ذَلِكَ لِوَرَثَتِهِ وَلَا إلَى وَصِيِّهِ وَلَا إلَى أَمِيرٍ بَعْدَهُ وَقَوْلُهُ أَوْ عِلْمُ وَالٍ أَيْ إعْلَامٌ فَأَجْرَى مَصْدَرَ الْمُجَرَّدِ مَجْرَى الْمَزِيدِ ثُمَّ إنَّهُ يَجْرِي هُنَا وَهَلْ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ عَلِمَ تَأْوِيلَانِ.

(ص)

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ بَلْ فِي فِعْلِ غَيْرِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ) الْأَوْلَى إسْقَاطُ فِعْلِ وَيَقُولُ بَلْ فِي غَيْرِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الِاعْتِقَادَ تَعَلَّقَ بِزَيْدٍ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ زَيْدًا بَلْ عَمْرًا فَزَيْدٌ لَيْسَ مَحْلُوفًا عَلَيْهِ بَلْ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ عَدَمُ الْكَلَامِ.

(قَوْلُهُ وَأَمَّا عَكْسُ إلَخْ) مِنْ فَرْعِ الْمُصَنِّفِ وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّ الْحِنْثَ وَعَدَمَهُ مَنُوطٌ بِمَا تَبَيَّنَ لَا بِاعْتِبَارِ الِاعْتِقَادِ وَمِنْ ذَلِكَ لَوْ قَالَ امْرَأَتُهُ طَالِقٌ مَا لَهُ مَالٌ وَقَدْ وَرِثَ قَبْلَ يَمِينِهِ مَالًا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ فَيَحْنَثُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ فِي يَمِينِهِ أَعْلَمُهُ فَلَا حِنْثَ اهـ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَنْ قَالَ عَبْدُ فُلَانٍ حُرٌّ وَانْكَشَفَ الْأَمْرُ أَنَّهُ وَرِثَهُ قَبْلَ قَوْلِهِ هَذَا فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَلَمْ يُرَ مَنْصُوصًا (قَوْلُهُ أَيْ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يُخْرِجَهُ أَوَّلًا بِالنِّيَّةِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ إلَخْ) رَدَّ ذَلِكَ عج بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُحَاشَاةِ هُنَا الْمُحَاشَاةُ بِاللِّسَانِ وَكَذَا بِالْقَلْبِ إنْ تَقَدَّمَتْ مُحَاشَاتُهُ عَلَى السَّلَامِ أَوْ قَارَنَتْ السَّلَامَ فَإِنْ حَاشَاهُ أَثْنَاءَهُ أَوْ بَعْدَهُ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّلَفُّظِ بِالْمُحَاشَاةِ وَلَا تَكْفِي النِّيَّةُ (قَوْلُهُ كَمَا إذَا كَانَ فِي الْفَاتِحَةِ) أَيْ فِي الصَّلَاةِ.

. (قَوْلُهُ وَبِلَا عِلْمِ إذْنِهِ) لَهَا فِي الْخُرُوجِ وَلَوْ أَذِنَ لَهَا ثُمَّ رَجَعَ فَخَرَجَتْ فَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يَحْنَثُ وَمَذْهَبُ أَشْهَبَ لَا حِنْثَ وَخَرَّجَا عَلَى شَرْطِهِ لِامْرَأَتِهِ أَنْ لَا يُخْرِجَهَا مِنْ بَلَدِهَا إلَّا بِرِضَاهَا فَرَضِيَتْ وَأَخْرَجَهَا ثُمَّ طَلَبَ الرُّجُوعَ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ.

(قَوْلُهُ أَيْ لَا يَبِرُّ حَتَّى يُعْلِمَهُ) أَيْ فَلَا نَقُولُ يَبِرُّ بِسَبَبِ كَوْنِ زَيْدٍ عَلِمَ بِالشَّيْءِ الْفُلَانِيِّ مِنْ زَيْدٍ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يَزِيدُ وَيُنْقِصُ) فَيُتَوَهَّمُ أَنَّ إعْلَامَهُ كَالْعَدَمِ بِخِلَافِ كِتَابِهِ فَإِنَّهُ كَنُطْقِهِ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ انْتِفَاؤُهُ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الِانْتِفَاءُ مِنْهُ بَلْ وَلَوْ كَانَ الِانْتِفَاءُ حَاصِلًا مِنْ رَسُولِ الْحَالِفِ دَفْعًا لِمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ إلَّا إذَا كَانَ الِانْتِفَاءُ حَاصِلًا مِنْ الْحَالِفِ لِكَوْنِهِ هُوَ الَّذِي حَلَفَ (قَوْلُهُ أَتَمُّ فَائِدَةً) أَيْ أَظْهَرُ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ وَإِلَّا فَظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ أَزْيَدُ مَعْنًى (قَوْلُهُ فَعَلَيْهِ أَنْ يُخْبِرَ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ إعْلَامَهُ بِالرَّسُولِ أَوْ الْكِتَابِ كَافٍ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ فَأَجْرَى مَصْدَرَ الْمُجَرَّدِ) لَا يُنَافِي هَذَا مَا تَقَدَّمَ وَذَلِكَ لِأَنَّ عِلْمَ اسْمُ مَصْدَرٍ بِالنِّسْبَةِ لِأَعْلَمَ وَمَصْدَرٌ بِالنِّسْبَةِ لِعَلِمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>