للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

إما إتباعُ الجَميعِ، أو قَطْعُ الجَميع، أوْ قَطْعُ البَعْضِ، وإتباعُ البَعْضِ.

إلاّ أنك إذا أَتْبَعْتَ البعضَ، وقطعتَ البعضَ وجب أَنْ تَبْدَأ بالإتباعِ، ثُمَّ تأتي بالقَطْعِ من غير عَكْسٍ، نحو: «مررتُ بزيدٍ الفَاضِلِ الكَرِيمُ» ؛ لِئَلَاّ يلزمَ الفصلُ بين الصفَةِ والموصُوفِ بالجملةِ المَقْطُوعَةِ.

و «العَالَمِينَ» خَفْضٌ بالإضافَةِ، عَلَامةُ خفضِه الياءُ؛ لجريانه مَجْرى جمع المذكرِ السَّالِمِ، وهم اسْمُ جَمْعٍ؛ لأنَّ واحِدَهُ مِنْ غَيْرِ لفظه، ولا يَجوزُ أن يكونَ جمعاً ل «عَالَم» مُرَاداً به العاقل دُونَ غَيْره، فيزولَ المحذْورُ المذكور؟

وأُجِيبَ عنه: بأنه لَوْ جاز ذلك، لَجَازَ أَنْ يُقالَ: «شَيْئُون» جَمْعُ «شَيءٍ» مُرَاداً به العاقل دون غيره، فدل عَدَمُ جَوَازِه على عدم ادّعاءِ ذلك.

وفي الجواب نَظَرٌ، إذْ لِقائل أنْ يقول: شيئون «منع منه مانِعٌ آخرُ، وهو كونهُ لَيْسَ صِفَةً ولا علماً، فلا يلزَمُ مِنْ مَنْعِ ذلك منعُ» عَالَمِين «مراداً به العاقل.

ويُؤَيِّدُ هذا ما نَقَلَ الراغِبُ عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ - رضى الله تعالى عنهما - أنَّ «عَالَمِين» إنما جمع هذا الجمع؛ لأن المراد به الملائكةُ والجنُّ والإنْسُ.

وقال الراغِبُ أيضاً: «إنَّ العَالَم في الأصلِ اسم لما يُعْلَمُ به كالطَّابَعِ اسم لما يُطْبَعُ» وجُعِلَ بناؤُه على هذه الصيغَةِ، لكونه كالآلةِ، فالعالَمُ آلة في الدلالةِ على صَانعه.

وقال الرَّاغبُ أيضاً: «إنَّ العَالَم في الأصل لما يُعْلَمُ به كالطَّابَعِ اسم لما يُطْبَعُ» وجُعِلَ بناؤه على هذه الصيغَةِ، لكونه كالآلةِ، فالعالَمُ آلة في الدلالةِ على صَانِعه.

وقال الرَّاغِبُ: أيضاً: «وأما جمعُه جَمْعُ السَّلامةِ، فلكون الناس في جُمْلَتِهِم، والإنسانُ إذا شَارَك غيرَهُ في اللَّفظِ غَلَبَ حُكْمُ» ، فظاهر هذا أَنَّ «العَالَمِين» يطلق على العُقَلاء وغَيْرِه، وهو مُخالِفٌ لما تقدّم من اختصاصِهِ بالعقلاء، كما زعم بعضُهم، وكلام الراغِبِ هو الأصَحُّ الظّاهرُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>