لأنه كان يجب عيله أن يحرم بالحجِّ من الميقات، فلمّا أحرم بالعمرة من الميقات، ثم أحرم بالحجِّ من غير الميقات، فقد حصل هناك خللٌ، فجبر بالدَّم، بدليل أنّه لو رجع، فأحرم بالحجِّ أيضاً من الميقات؛ لما يلزمه دمٌ، والمكيُّ ميقاته موضعه، فلا يقع فى حجِّه خللٌ من جهة الإحرام، فلا هدي عليه.
وقال أبو حنيفة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه -: قوله «ذَلِكَ» إشارةٌ إلى الأبعد وهو ذكر التّمتع، وعنده لا متعة ولا قران لحاضري المسجد الحرام، ومن تمتع أو قرن، كان عليه دم جنايةٍ لا يأكل منه.
حجَّة القول الأوَّل وجوه:
أحدها: قوله تعالى {فَمَن تَمَتَّعَ بالعمرة إِلَى الحج} عامٌّ يدخل فيه الحرمي، وغيره.
وثانيهما: أنَّ الإشارة يجب عودها إلى أقرب مذكور، وهو جوب الهدي، فإذا خصَّ وجوب الهدي بالمتمتع الآفاقي؛ لزم القطع بأن غير الآفاقي قد يكون أيضاً متمتعاً.
وثالثها: أنَّ الله تعالى شرع القران والمتعة تبييناً لنسخ ما كان عليه أهل الجاهلية في تحريمهم العمرة في أشهر الحجِّ، والنسخ ثبت فى حقّ النَّاس كافَّةً.
حجَّة أبي حنيفة: أنَّ قوله: «ذَلِكَ» كنايةٌ؛ فوجب عودها إلى كلِّ ما تقدم، لأنَّه ليس البعض أولى من البعض.
والجواب أنَّ عوده إلى الأقرب أولى، لأنَّ القرب سببٌ للرُّجحان، ومذهبكم أن الاستثناء المذكور عقيب الجمل مختصٌّ بالجملة الأخيرة، وإنَّما تميزت تلك