وروي أن معاوية - رَضِيَ اللهُ عَنْه - لما قدم «المدينة» فصلّى بالناس: «مَنْ تَرَكَ بسم الله الرَّحْمَن الرَّحيم، فقد تَرَكَ آية من كِتاب الله تَعَالى» .
وروي أنَّ النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لأبيّ بن كَعب - رَضِيَ اللهُ عَنْهما -: «مَا أعظم أيَةٍ في كِتَابِ الله تَعَالى» ؟ فقال: بسم الله الرحمن الرحيم، فصدقة النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم َ.
ومعلوم أنها ليست آيةً تامّة في النمل، فتعيّن أن تكون آية تامّةً في أوّل الفاتحة.
وروي أن معاوية - رَضِيَ اللهُ عَنْه - لما قدم «المدينة» فصلّى بالناس صَلَاةً يجهر فيها، فقرأ أمّ القرآن، ولم يقرأ «بسم الله الرحمن الرحيم» ، فلمى قضى صلاته نَادَاهُ المُهَاجرون والأنصار من كل ناحية أنسيت؟ أين بسم الله الرحمن الرحيم حين اسْتَفْتَحْتَ القرآن؟ فأعاده معاوية الصَّلاة؟ وقرأ بسم الله الرحمن الرحيم.
وهذا يدلّ على إجماع الصَّحَابة على أنها من القُرْآن ومن الفاتحة، وعلى أن الأولى الجَهْرُ بقراءتها.
فصل في بيان عدد آيات الفاتحة
حكى عن الزَّمخشري: الاتفاق على كَوْن الفاتحة سَبْعَ آيات.
وحكى ابن عطية قولين آخرين:
أحدهما: هي ستّ آيات، فأسقط البَسْمَلَة، وأسقط «أنعمت عليهم» .
والثاني: أنها ثماني آيات فأثبتهما.
قال ابن الخطيب - رَحِمَهُ اللهُ تعالى -: رأيت في بعض الروايات الشَّاذة أن الحسن البَصْري - رضي الله تعالى عنه - كان يقول: إنّ هذه السورة ثماني آيات، فأما الرواية المشهورة التي عليها الأكثرون أنها سبع آيات، وبه فسّروا قوله تعالى:{وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِّنَ المثاني والقرآن العظيم}[الحجر: ٨٧] .
إذا ثبت هذا، فنقول: إنَّ الذين قالوا: إن البَسْمَلَة آية من الفاتحة قالوا: قوله تعالى: {صِرَاطَ الذين