للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فصل

المعنى: قُلْ لأهل الكتاب: لِمَ اتخذتم هذا الدين هزواً ولعباً، ثم قال على سبيلِ التعجب: هل تجدون في هذا الدين إلا الإيمان بالله؟! فهو رَأسُ جميع الطاعات، وإلَاّ الإيمان بمحمد، وبجميع الأنبياء فهو الحق والصدق؛ لأنه إذا كان الطريق إلى تصديق بعض الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - في ادعاء الرسالة والنبوة هو المعجزة.

ثم رأينا أن المعجز حصل على يدي محمد - صلَّى الله عليه وعلى آله وسلَّم - فوجب الإقرار بكونه رسولاً، فأمَّا الإقرار بالبعض وإنكار البعض فذلك تناقض ومذهب باطل.

قوله تعالى: {وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ} قرأ الجمهور: «أنَّ» مفتوحة الهمزة.

وقرأ نعيم بن ميسرة بكسرها.

فأمَّا قراءة الجمهور فتحتمل «أنَّ» فيها أن تكون في محل رفع، أو نصب، أو جر، فالرفع من وجه واحد، وهو أن تكون مبتدأ، والخبر محذوف.

قال الزَّمَخْشَرِيُّ: «والخبر محذوف، أي: فسقكم ثابت معلوم عندكم؛ لأنكم علمتم أنَّا على الحق، وأنْتُمْ على الباطل، إلا أن حب الرئاسة، وجمع الأموال لا يدعكم فتنصفوا» .

فقدر الخبر متأخراً.

قال أبُو حيَّان: ولا ينبغي أن يُقَّدَرَ الخبر إلا مقدماً؛ لأنه لا يبتدأ ب «أن» على الأصح إلا بعد «أمَّا» انتهى.

ويمكن أن يقال: يُغْتَفَرُ في الأمور التقديرية ما لا يغتفر في اللفظية، لا سيما أنَّ هذا جارٍ مجرى تفسير المعنى، والمراد إظهار ذلك الخبر [كيف] يُنْطَقُ به؛ إذْ يقال: إنه يرى جواز الابتداء ب «أنَّ» مطلقاً، فحصل في تقدير الخبر وجهان بالنسبة إلى التقديم والتأخير.

وأمَّا النَّصْبُ فمن ستَّةِ أوجه:

أحدها: أن يُعْطَفَ على «أن آمنَّا» واستشكل هذا التخريج من حيث إنه يصير التقدير: هل تكرهون إلا إيماننا، وفسق أكثركم، وهم لا يعترفون بأن أكثرهم فاسقون حتى يكرهونه.

وأجاب الزمخشري وغيره عن ذلك بأن المعنى: «وما تنقمون منا إلا الجمع بين إيماننا، وبين تمرُّدكم، وخروجكم عن الإيمان، كَأنَّه قِيلَ: وما تنكرون منا إلا مخالفتكم حَيْثُ دخلنا في دين الإسلام وأنتم خارجون منه» .

ونقل الواحدي عن بعضهم أن ذلك من باب المُقَابَلَة والازدواج، يعني أنه لما نقم

<<  <  ج: ص:  >  >>