للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

يعرِّف الله - تعالى - عباده نعمه، وتنبيههم على كمالِ قدرته وحكمته.

واحتجُّوا بقولِ جابر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه -: «نَهَى النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَوْمَ خَيْبرٍ عَنْ لَحومِ الحُمرِ ورخَّصَ في لُحومِ الخَيْلِ» .

ولمَّا ذكر - تعالى - أصناف الحيوانات المنتفع بها، ذكر بعده الأشياء التي لا ينتفع غالباً بها فذكرها على سبيل الإجمال.

فقال سبحانه وتعالى: {وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} وذلك لأنَّ أنواعها وأصنافها خارجة عن الإحصاء؛ فذكر ذلك على سبيل الإجمال.

وروى عطاء ومقاتل والضحاك عن ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما - قال: «إنَّ عَنْ يَمِينِ العَرْشِ نَهْراً مِنْ نُورٍ مِثلَ السَّمواتِ السَّبْع والبِحار السَّبعَة والأرضين السبع يَدخُل فيه جِبْريلُ - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ - كُلَّ سحرٍ فيزْدادُ نُوراً إلى نُورهِ وجَمالاً إلى جَمالهِ، ثُمَّ ينتفِضُ فيَخْلقُ الله - سبحانه وتعالى - مِنْ كُلِّ نُقْطَة تقع مِن رِيشهِ كذا وكذا ألْفَ مَلك، يَدخلُ مِنهُم كُلَّ يَومٍ سَبعُونَ ألفاً البيتَ المَعْمُورَ، وفي الكَعْبةِ أيضاً سَبْعُون ألفاً لا يعُودُونَ إلى يَوْمِ القِيَامَةِ» .

قوله: {وعلى الله قَصْدُ السبيل} الآية والمعنى: إنما ذكرت هذه الدلائل وشرحتها؛ إزاحةً للعذرِ؛ وإزالة للعلَّة {لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ} [الأنفال: ٤٢] .

قوله: {وَمِنْهَا جَآئِرٌ} الضمير يعود على السبيل؛ لأنَّها تؤنث {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي} [يوسف: ١٠٨] أو لأنَّها في معنى سُبلٍ، فأنَّث على معنى الجمع، والقَصْدُ مصدرٌ يوصف به فهو بمعنى قاصد، يقال: سبيلٌ قصدٌ وقاصدٌ، أي: مستقيمٌ، كأنه يَقْصِدُ الوجه الذي يؤمه السالك لا يعدل عنه.

وقيل: الضمير يعود على الخلائق؛ ويؤيده قراءة عيسى، وما في مصحف عبد الله: «ومِنْكُمْ جَائِرٌ» ، وقراءة عليّ: «فَمِنكُْ جَائِرٌ» بالفاء.

وقيل: «ألْ» في «السَّبيلِ» للعهد؛ وعلى هذا يعود الضمير على السبيل التي تتضمنها معنى الآية؛ لأنَّه قيل: ومن السبيل فأعاد عليها، وإن لم يجر له ذكر؛ لأنَّ مقابلها يدلُّ عليها، وأما إذا كانت «ألْ» للجنس فيعود على لفظها.

<<  <  ج: ص:  >  >>