وأما قوله:{وَمَا يَنطِقُ عَنِ الهوى}[النجم: ٣] فمن جوَّز له بالاجتهاد يقول إنّ الذي اجتهد فيه هو عن وحي على الجملة، وإن لم يكن ذلك على التفصيل، وأيضاً فالآية واردة في الأداء عن الله لا في حكمه الذي يكون بالعقل.
وعن الثاني: أنَّ الله تعالى إذا قال له إذا غلب على ظنك كون الحكم معللاً في الأصل بكذا، ثم غلب على ظنك قيام ذلك المعنى في صورة أخرى فاحكم بمثل ذلك الحكم، فههنا الحكم مقطوع به، والظن غير واقع فيه بل في طريقه.
وعن الثالث: لعله - عليه السلام - كان ممنوعاً عن الاجتهاد في بعض الأنواع، أو كان مأذوناً له مطلقاً، لكنه لم يظهر له في تلك الصورة وجه الاجتهاد فتوقف.
وعن الرابع: لِمَ لا يجوز أن يحبس النص عنه في بعض الصور فحينئذ يحصل شرط جواز الاجتهاد.
وعن الخامس: أن هذا الاحتمال مدفوع بإجماع الأمة على خلافه. ثم الذي يدل على جواز الاجتهاد لهم وجوه:
الأول: أنه - عليه السلام - إذا غلب على ظنه أنَّ الحكم في الأصل معلّل بمعنى ثم علم أو ظن قيام ذلك المعنى في صورة أخرى، فلا بُدَّ وأن يغلب على ظنه أنَّ حكم الله في هذه الصورة مثل ما في الأصل كقوله - عليه السلام -.
الثاني: قوله تعالى: «فَاعْتَبِرُوا» أمر الكل بالاعتبار، فوجب أن يكون للرسول فيه مدخل، وإلا لكان كل واحد من المجتهدين أفضل منه في هذا الباب. فإن قيل: إنما يلزم لو لم يكن درجته أعلى من الاعتبار، وليي الأمر كذلك لأنه كان يستدرك الأحكام وحياً على سبيل اليقين، فكان أرفع درجة من الاجتهاد (قصاراه الظن.
فالجواب: لا يمتنع أن لا يجد النص في بعض المواضع، فلو لم يكن من أجل