للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قول: «فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ وَلَا فِقْهَ لَهُ».

قال مالك رحمه الله: " ليس العلم بكثرة الرواية، وإنما هو نور يضعه الله -عز وجل- في القلوب، يعنى بذلك فهم معانيه واستنباطه. فمن أراد التفهم فليُحضر خاطره، ويفرّغ ذهنه، وينظر إلى نشاط الكلام، ومخرج الخطاب، ويتدبر اتصاله بما قبله، وانفصاله منه، ثم يسأل ربه أن يلهمه إلى إصابة المعنى، ولا يتم ذلك إلا لمن علم كلام العرب، ووقف على أغراضها في تخاطبها وأُيد بجودة قريحة، وثاقب ذهن، ألا ترى أن عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما فهم من نشاط الحديث في نفس القصة أن الشجرة هي النخلة، لسؤاله -صلى الله عليه وسلم- لهم عنها حين أتى بالجُمّار، وقوى ذلك عنده بقوله: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ} (١). وقال العلماء: هي النخلة، شبهها الله -عز وجل- بالمؤمن (٢).

قول: «وَلَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ».

هذا حث على أن ينقل الرجل ما يسمع من الخير بدقة، ولو لم يفهم مقاصده، فقد يجد من هو أعلم به فيبين له ما نقل، والمهم في النقل أن يكون بأمانة من غير زيادة ولا نقص.

قوله: «وَاعْلَمُوا أَنَّ أَمْوَالَكُمْ وَدِمَاءَكُمْ حَرَامٌ، عَلَيْكُمْ كَحُرْمَةِ هَذَا الْيَوْمِ فِي هَذَا الشَّهْرِ فِي هَذَا الْبَلَدِ».


(١) الآية (٢٤) من سورة إبراهيم.
(٢) شرح صحيح البخاري لابن بطال ١/ ١٥٧، بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>