للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* وقال الألوسي رحمه الله:

ومذهب الشافعي عليه الرحمة كما في "الزواجر": أن الوجه والكفين ظهرهما وبطنهما إلى الكوعين عورة في النظر من المرأة ولو أمة على الأصح، وإن كانا ليسا عورة من الحرة في الصلاة. . . وذهب بعض الشافعية إلى حل النظر إلى الوجه والكف إن أمنت الفتنة، وليس بمعول عليه عندهم، وفسر بعض أجلتهم ما ظهر بالوجه والكفين بعد أن ساق الآية دليلا على أن عورة الحرة ما سواهما، وعلل حرمة نظرهما بمظنة الفتنة فدل ذلك على أنه ليس كل ما يحرم نظره عورة، وأنت تعلم أن إباحة إبداء الوجه والكفين حسبما تقتضيه الآية عندهم مع القول بحرمة النظر إليهما مطلقَا في غاية البعد، فتأمل (١) .

واعلم؛ أنه إذا كان المراد النهي عن إبداء مواقع الزينة، وقيل بعمومها الوجه والكفين والتزم القول بكونهما عورة وحرمة إبدائهما لغير من

استثنى بعد يجوز أن يكون الاستثناء في قوله تعالى: (إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا)

من الحكم الثابت بطريق الإشارة وهو المؤاخذة في دار الجزاء، ويكون المعنى: أن ما ظهر منها من غير إظهار كان كشفته الريح مثلًا فهن غير

مؤاخذات به في دار الجزاء، وفي حكم ذلك ما لزم إظهاره لنحو تحمل شهادة ومعالجة طبيب، وروى الطبراني، والحاكم وصححه، وابن المنذر،

وجمع آخرون، عن ابن مسعود أن "ما ظهر": الثياب والجلباب، وفي


(١) قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:
(إن الله تعالى أمر المؤمنات بحفظ فروجهن، والأمر بحفظ الفروج أمر به، وبما يكون وسيلة إليه، ولا يرتاب عاقل أن وسائله تغطية الوجه لأن كشفه سبب للنظر إليها وتأمل محاسنها والتلذذ بذلك، وبالتالي إلى الوصول والاتصال، وفي الحديث: (العينان تزنيان، وزناهما النظر) إلى أن قال صلى الله عليه وسلم: "والفرج يصدق كل ذلك
أو يكذبه "، فإذا كان الوجه من وسائل حفظ الفرج كان مأمورا به لأن الوسائل
لها أحكام المقاصد) اهـ من "رسالة الحجاب" (ص: ٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>