رواية الاقتصار على الثياب، وعليها اقتصر أيضَا الإمام أحمد، وقد جاء إطلاق الزينة عليها في قوله تعالى:(خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ) على ما في البحر" (١) اهـ.
وهذه أول آية من الثلاث حسب ترتيب القرآن، يستأنس من بعض الروايات أنها نزلت قبل آية إدناء الجلابيب، بينما يستأنس من بعض الروايات الأخرى أنها نزلت بعدها، وعلى كلا التقديرين لها محمل صحيح فلا تعنينا هذه الناحية من البحث.
وهذه الآية تأمر المؤمنات بإخفاء الزينة كلها سواء أردنا بالزينة الزينة الخلقية من الوجه والعينين، والأنف والشفتين، والشعر والخدين،
والأذنين والصدغين، وغيرها من جسد المرأة وأعضائها، أو أردنا الزينة
المكتسبة، من السوار والخاتم، والخضاب والكحل، والفتخ والقلب،
والدملج والقرط، والإكليل والثوب المبرقش وغيرها.
إن هذه الآية تأمر بإخفاء هذه الزين كلها لا تستثني منها زينة من زينة (إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا) ، و (مَا ظَهَرَ مِنْهَا) مبهم لم يفسره الكتاب والسنة
بل تركاه على إبهامه، وقام الصحابة والتابعون والعلماء المفسرون برفع هذا الإبهام، ولا شك أنهم لو أجمعوا على شيء لكان فيه غنى وكفاية، ولكان ذلك رافعا للإبهام، والنزاع معا، ولكن شاء الله أن لا يرتفع هذا الإِبهام رحمة بهذه الأمة، فاضطربت أقوالهم وتخالفت، حتى استحقت أن نتركها على حالها ونرجع إلى الله ورسوله، فلما رجعنا إلى الله ورسوله وجدنا الإِبهام باقيا على حاله، وستعرف أن بقاءه خير، ولنبحث الآن عن ناحية أخرى.