للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: نعم، ولولا مكاني من الصغَر ما شهدته، حتى أتى العلم الذي عند دار كثير بن الصلت، فصلىَّ، فنزل نبي الله صلى الله عليه وسلم كأني أنظر إليه حين يُجَلِّس الرجال بيده، ثم أقبل يشقهم، ثم أتى النساء ومعه بلال، فقال: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا) فتلا هذه الآية

حتى فرغ منها، ثم قال حين فرغ منها: "أأنتن على ذلك؟ " فقالت امرأة

واحدة لم يجبه غيرها منهن: نعم يا نبي الله، ثم قال: "هلم لكنَّ فداكن أبي وأمي"، فرأيتهن يهوين بأيديهن يقذفنه، وفي رواية: فجعلن يلقين الفتخ والخواتم في ثوب بلال، ثم انطلق هو وبلال إلى بيته" (١) .

قال ابن حزم: "فهذا ابن عباس بحضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى أيديهن

فصحَّ أن اليَدَ من المرأة والوجه ليسا بعورة، وما عداهما ففرض ستره" (٢) اهـ.

والجواب:

أنه ليس في الحديث ذكر الوجه بحال، فأين فيه ما يدل على أن وجه المرأة ليس بعورة؟

وفي الحديث ذكر الأيدي ولكن ليس فيه تمرير بأنها كانت مكشوفة

حتى يتم الاستدلال به على أن يد المرأة ليست بعورة.

غاية ما فيه أن ابن عباس رضي الله عنهما رآهن يهوين بأيديهن (٣) ، ولم

يذكر حسرهن عن أيديهن، وإذا كان الحديث محتملًا لكل من الأمرين لم يصح الاستدلال به على أن يد المرأة ليست بعورة، فإن الدليل إذا طرقه

الاحتمال سقط به الاستدلال، والله تعالى أعلم.


(١) رواه البخاري (٢/ ٥٣٩ - ٥٤١) ، وأبو داود (١/١٧٤) ، والبيهقي في "سننه"
(٣/ ٣٠٧) ، والنسائي (١/ ٢٢٧) ، والإمام أحمد في "المسند" (١/ ٣٣١) .
(٢) "المحلى" (٣/٢١٧) .
(٣) ولعل صغر سنه المنوه به في صدر الحديث يقضي بأن يغتفر له حضور موعظة النساء.

<<  <  ج: ص:  >  >>