للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جلست. . ." الحديث (١) .

* والجواب من وجوه:

أحدها: ليس في الحديث أنها كانت سافرة الوجه، ونظر النبي صلى الله عليه وسلم إليها

لا يدل على سفورها، لأن تصويب النظر لا يفيد رؤية الوجه، فيمكن أن

يكون نظرة إليها لمعرفة نبلها وشرفها وكرامتها، فإن هيئة الإنسان قد تدل على ذلك،

الثاني: ما ذكره القاضي أبو بكر بن العربي من أنه "يحتمل أن ذلك قبل الحجاب، أو بعده لكنها كانت متلفعة (٢) .

وسياق الحديث يبعد ما قال سيما الأخير، بل إنه يشير إلى وقوع ذلك

في أوائل الهجرة، لأن الفقر كان قد تخفف كثيرًا بعد بني قينقاع والنضير

وقريظة، ومعلوم أن نزول الحجاب كان عقب قريظة، وفي الحديث إشارة

إلى شدة فقر الرجل الذي تزوجها حتى أنه لم يكن يملك خاتما من حديد.

الثالث: أن النبي صلى الله عليه وسلم معصوم، ولا يقاس عليه غيره من البشر (٣) .

الرابع: أنه ثبت في صحيح السنة أنه يباح للرجل أن ينظر إلى وجه المرأة

لقصد الخطبة، ويباح لها النظر إليه وكشف وجهها له، وعليه فلا حجة في

الحديث على إباحة كشف الوجه لأجنبي غير خاطِب، ومن استدل به على ذلك فقد حمل الحديث على غير مَحْمله، والله أعلم.


(١) رواه البخاري (٩/ ٣٤) ، ومسلم (٤/ ١٤٣) ، والنسائي (٢/ ٨٦) ، والبيهقي
(٧/ ٨٤) - وترجم له: (باب نظر الرجل إلى المرأة يريد أن يتزوجها) .
(٢) "فتح الباري" (٩/١١٨) .
(٣) قال الحافظ ابن حجر: والذي تحرر عندنا أنه صلى الله عليه وسلم كان لا يحرم عليه النظر إلى المؤمنات الأجنبيات بخلاف غيره اهـ "الفتح" (٩/٢١٠) .
وانظر "مجلة الجامعة السلفية" عدد نوفمبر، وديسمبر ١٩٧٨م ص ٧٤، ٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>