للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله يُيْغِضُ كل جعظرِي جَوَّاظ، سَخاب في الأسواق جيفةٍ بالليل، حِمار بالنهار، عالم بأمر الدنيا، جاهل بأمر الآخرة " (٩٧٢) .

وقد جاء في تفسير قوله صلى الله عليه وسلم: " إن الله يبغض كل جعظري جواظ" الحديث قيل: هو الشديد على أهله، المتكبر في نفسه، وهو أحد ما قيل في معنى قوله تعالى: (عُتُلّ) قيل: العتل هو الفظ اللسان الغليظ القلب على أهله، وقال صلى الله عليه وسلم لجابر حين تزوج ثيبًا: " هلا بكرًا تلاعبها وتلاعبك " (٩٧٣) .

لقد تأثر المسلمون الأوائل بهذه التوجهات الإلهية، والإرشادات النبوية إلى حسن الخلق مع أهليهم، وانفعلوا بها أصدق الانفعال، فحفل تاريخهم بمواقف مشرقة يضرب بها المثل، في الفتوة والصبر والتجمل مع وجود داعي النفرة، وهاك بعض حديثهم في ذلك:

قال أحمد بن عنبر: (لما ماتت أم صالح بن أحمد بن حنبل قال أحمد لامرأة تكون عندهم: " اذهبي إلى فلانة بنت عمها، فاخطبيها لي من نفسها، فأتتها، فأجابته، فلما رجعت إليه قال: " أختها كانت تسمع كلامكِ؟ "، قال: وكانت بعين واحدة، فقالت له: " نعم"، قال: " فاذهبي فاخطبي تِيكَ التي بفرد عين"، فأتتها، فأجابته، وهي أم عبد الله ابنه، فأقام معها سبعا، ثم قالت له: " كيف رأيت يا ابن عمي؟ أنكرتَ شيئًا؟ " قال: " لا، إلا نعلك هذه تصِر ".


(٩٧٢) رواه ابن حبان (١٩٥٧) ، والبيهقي متابعة (١٠/١٩٤) ، وصححه الألباني في " الصحيحة " رقم (١٩٥) ، وفسر الجعظري بالفظ الغليظ المتكبر، والجواظ: الجموع المنوع، والسخاب كالصخاب كثير الضجيج والخصام.
(٩٧٣) انظر تخريجه برقم (١٢٥٠) ، (١٢٥١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>