حدثني أبي: عبد الله، قال: قدم هارون الكوفة فعزل شريكًا عن القضاء، وكان موسى بن عيسى الباهلي على الكوفة، فقال موسى لشريك: ما صنع أمير المؤمنين بأحد ما صنع بك؛ عزلك عن القضاء! فقال له شريك: هم أمراء المؤمنين؛ يعزلون القضاة، ويخلعون العهود، فلا يعاب عليهم ذلك. قال موسى ما ظننت أنه مجنون هكذا لا يبالي ما يتكلمه، وكان أبو موسى بن عيسى ولي عهد بعد أبي جعفر، فخلعه بمال أعطاه إياه، وهو ابن عم جعفر.
قال العجلي: كان شريك يختلف إلى باب الخليفة ببغداد كانوا يومًا قد وجدوا منه ريح نبيذ، فقال بعضهم يشم رائحة أبي عبد الله! قال: مني، قالوا: لو كان هذا منا لأنكر علينا. قال: لأنكما مربيان.
قال: وبعث إليه بمال يقسمه بالكوفة فأشاروا عليه أن يسوي بين الناس، فأبى، فأعطى العربي اثني عشر، وأعطى الموالي ثمانية، وأعطى من حَسُنَ إسلامه أربعة، فأراد الموالي أن يقوموا عليه، فقال: أنتم لا سبيل لكم عليّ، كان الناس في القسمة سواء: ثمانية ثمانية، فقد أعطيتكم ثمانية وأخذت حق هؤلاء فزدته العرب يتقوون على حاجتهم، فدعوني مع هؤلاء، فخرج أولئك الذين أعطاهم أربعة فما برحوا حتى عزلوه، وركب أهل الأربعة إلى بغداد حتى عزلوه.
حدثنا أبي عبد الله، قال: قدم شريك البصرة فأبى أن يحدثهم فاتبعوه، حتى خرج، وجعلوا يرجمونه بالحجارة في السفينة، ويقولون له: يابن قاتل الحسين! رحم الله طلحة، والزبير، وهو يقول لهم: يا أبناء الضئورات، ويا أبناء السنايخ١، لا سمعتم مني حرفًا، فقال له ابنه: ألا تستعدي السلطان عليهم؟!
١ الضؤرة: الرجل الحقير الصغير الشأن، "والسناخة": الريح المنتنة.